الظلمة.
وأخرج ضحاها أبرز نهارها، وأضافهما إلى السماء لأن الظلمة والنور كلاهما ينزل من السماء.
{وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ} [النازعات: 30] بعد خلق السماء، دحاها بسطها، من الدحو وهو البسط.
{أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا} [النازعات: 31] قال ابن عباس: فجر الأنهار، والبحار، والعيون.
ومرعاها ما يأكل الناس والأنعام، وهو قوله: {مَتَاعًا لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ} [النازعات: 33] .
{فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى {34} يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ مَا سَعَى {35} وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى {36} فَأَمَّا مَنْ طَغَى {37} وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا {38} فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى {39} وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى {40} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى {41} يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا {42} فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا {43} إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا {44} إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا {45} كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا {46} } [النازعات: 34-46] .
{فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى} [النازعات: 34] يعني: النفخة الثانية التي فيها البعث، والطامة: الحادثة التي تطم على ما سواها، أي: تعلو فوقه، ومن هذا يقال: فوق كل طامة، والقيامة تطم على كل شيء.
{يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ مَا سَعَى} [النازعات: 35] ما عمل من خير وشر.
{وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى} [النازعات: 36] قال مقاتل: يكشف عنها الغطاء، فينظر إليها الخلق.
ثم ذكر مأوى الفريقين، فقال: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى} [النازعات: 37] في كفره، {وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [النازعات: 38] على الآخرة، {فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى {39} وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ} [النازعات: 39-40] تقدم تفسيره، {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} [النازعات: 40] عن المحارم التي تشتهيها، قال مقاتل: هو الرجل يهم بالمعصية، فيذكر مقامه للحساب فيتركها.
قوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [النازعات: 42] متى وقوعها، وقيامها.
{فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات: 43] لست في شيء من عملها، وذكرها أي: لا تعلمها.
{إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا} [النازعات: 44] منتهى علمها.
{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} [النازعات: 45] إنما أنت مخوف من يخاف قيامها، أي: إنما ينفع إنذارك من يخافها، فأما من لا يخاشها، فكأنك لم تنذره، قال الفراء: والتنوين وتركه في: {مُنْذِرُ} [النازعات: 45] صواب، كقوله: {بَالِغُ أَمْرِهِ} [الطلاق: 3] وبالغ أمره و {مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} [الأنفال: 18] وموهن كيد كأنهم يعني: كفار قريش، يوم يرونها يعاينون القيامة، لم يلبثوا في الدنيا، {إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات: 46] إلا قدر آخر نهار أو أوله، كقوله: {يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ} [الأحقاف: 35] وقد مر بيانه، والمعنى: أن ما أنكروه سيرونه، حتى كأنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة ثم مضت، كأنها لم تكن.