ولتحاسبن.
{يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ} [النازعات: 6] يعني: النفخة الأولى التي تموت فيها جميع الخلائق، والراجفة: صيحة عظيمة، فيها تردد واضطراب، كالرعد إذا تمخض.
تتبعها الرادفة يعني: النفخة الثانية ردفت النفخة الأولى.
{قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} [النازعات: 8] مضطربة، قلقة، لما عاينت من أهوال يوم القيامة.
أبصارها خاشعة ذليلة، وذلك عند معاينة النار، كقوله: {خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ} [الشورى: 45] الآية، قال عطاء: يريد أبصار من مات على غير الإسلام.
ويدل على هذا أنه ذكر منكري البعث، فقال: {يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ} [النازعات: 10] أنرد إلى أول حالنا، وابتداء أمرنا، فنصير أحياء كما كنا! يقال: رجع فلان من حافرته.
أي: رجع من حيث جاء، والحافرة عند العرب اسم لأول الشيء، وابتداء الأمر.
أئذا كنا عظامًا ناخرة ونخرة، أي: بالية، يقال نخر العضم، ينخر فهو ناخر.
ونخر إذا بلي وتفتت، قال الأخفش: هما جميعًا لغتان أيهما قرأت فحسن.
والمعنى: أنهم أنكروا البعث، فقالوا: أنرد أحياء إذا متنا، وبليت عظامنا! {قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} [النازعات: 12] قالوا: إن رددنا بعد الموت، لنخسرن بما يصيبنا بعد الموت مما يقول محمد.
ثم أعلم الله تعالى سهولة البعث عليه، فقال: {فَإِنَّمَا هِيَ} [النازعات: 13] يعني: النفخة الأخيرة، {زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ} [النازعات: 13] صيحة واحدة من إسرافيل، يسمعونها وهم في بطون الأرض أموات فيحيون.
وهو قوله: {فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: 14] يعني: وجه الأرض وظهرها في قول الجميع.
قوله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى {15} إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى {16} اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى {17} فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى {18} وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى {19} فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى {20} فَكَذَّبَ وَعَصَى {21} ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى {22} فَحَشَرَ فَنَادَى {23} فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى {24} فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى {25} إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى {26} } [النازعات: 15-26] .
هل أتاك يقول: هل جاءك يا محمد: حديث موسى {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ} [النازعات: 16] دعاه ربه، فقال: يا موسى {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} [النازعات: 17] علا، وتكبر، وكفر بالله.
{فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات: 18] تتطهر من الشرك، وقال ابن عباس: تشهد أن لا إله إلا الله.
{وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ} [النازعات: 19] أدعوك إلى عبادته، وتوحيده، فتخشى عقابه؟ {فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى} [النازعات: 20] يعني: اليد، والعصا، فكذب بأنهما من عند الله،