وما بعد هذا مفسر في { [المؤمنين إلى قوله: والذين هم بشهادتهم قائمون، وقرئ:] بِشَهَادَاتِهِمْ} [سورة المعارج: 33] والإفراد أولى لأنه مصدر، ومن جمع ذهب إلى اختلاف الشهادات، والمعنى: أنهم يقومون فيها بالحق، ولا يكتبونها.
قوله: {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ {36} عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ {37} أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ {38} كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ {39} فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ {40} عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ {41} فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ {42} يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ {43} خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ {44} } [المعارج: 36-44] .
{فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ} [المعارج: 36] نزلت الآية في جماعة من الكفار، جلسوا حول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستهزئون بالقرآن، ويكذبون به، فقال الله تعالى: ما لهم ينظرون إليك، ويجلسون عندك، وهم لا ينتفعون بما يسمعون.
وتفسير المهطع قد تقدم.
{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} [المعارج: 37] جماعات في تفرقة، واحدتها: عزة، وهي العصبة من الناس، وكانوا يقولون: إن كان أصحاب محمد يدخلون الجنة، فإنما ندخلها قبلهم.
فقال الله تعالى: {أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ} [المعارج: 38] قال ابن عباس: أيطمع كل رجل منهم أن يدخل جنتي، كما يدخلها المسلمون، ويتنعم فيها، وقد كذب بنبيي.
كلا لا يكون ذلك، {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ} [المعارج: 39] أي: من المقاذير والأنجاس، أي: فمتى يدخلون الجنة، ولم يؤمنوا بي، ولم يصدقوا رسولي؟ نبه الناس بهذا على أن الناس كلهم من أصل واحد، وإنما يتفاضلون بالإيمان، والطاعة.