بامرأة في شرف قد جنت، وكان لها إخوة فأتوه بها، فكانت عنده، فلم يزل به الشيطان يزين له حتى وقع عليها، فحملت، فلما استبان حملها، قتلها ودفنها، فلما فعل ذلك ذهب الشيطان حتى لقي أحد إخوتها، فأخبره بالذي فعل الراهب، وأنه دفنها في مكان كذا وكذا، ثم أتى بقية إخوانها رجلًا رجلًا، فذكر ذلك فجعل الرجل يلقى أخاه، فيقول: والله لقد أتاني آت ذكر لي شيئًا يكبر عليّ ذكره.
فذكر بعضهم لبعض حتى بلغ ذلك ملكهم، فسار الملك والناس فاستنزلوه، فأقر لهم بالذي فعل، فأمر به فصلب، فلما رفع على خشبة، تمثل له الشيطان، فقال: أنا الذي زينت لك هذه الفتنة، وألقيتك فيها، وهل أنت مطيعي فيما أقول لك أخلصك مما أنت فيه؟ قال: نعم.
قال: اسجد لي سجدة واحدة.
قال: فسجد له وقتل الرجل.
فهو قوله: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ} [الحشر: 16] تبرأ منه الشيطان، وهو قوله: {إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر: 16] ذكرنا تفسيره في { [الأنفال، ضرب الله هذه القصة مثلًا لبني النضير، حين اغتروا بالمنافقين، ثم تبرءوا منهم عند الشدة، وأسلموهم.
ثم ذكر أنهما صارا إلى النار، بقوله: فكان عاقبتهما أي: عاقبة الشيطان وذلك الإنسان،] أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [سورة الحشر: 17] قال مقاتل: يعني: فكان عاقبة المنافقين واليهود أن صاروا إلى النار، وذلك جزاؤهم.
ثم رجع إلى موعظة المؤمنين، فقال: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {18} وَلا