والعقاب.

ولقد جاءهم يعني: أهل مكة، من الأنباء من أخبار الأمم المكذبة في القرآن، {مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} [القمر: 4] مصدر بمعنى الازدجار، أي: نهي وعظة، يقال: زجرته وازدجرته إذا نهيته عن السوء.

حكمة بالغة يعني: القرآن حكمة تامة، قد بلغت الغاية، {فما تغني النذر} يجوز أن تكون ما نفيا على معنى: فليست تغني النذر، وهو جمع نذير، ويجوز أن تكون استفهامًا، والمعنى: فأي شيء تغني النذر، إذا لم يؤمنوا؟ كقوله: {وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101] .

ثم أمره بالإعراض عنهم، بقوله: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ {6} خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ {7} مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ {8} } [القمر: 6-8] .

فتول عنهم وههنا وقف التمام، وقوله: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} [القمر: 6] قال مقاتل: هو إسرافيل، ينفخ قائمًا على صخرة بيت المقدس.

{إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ} [القمر: 6] إلى أمر فظيع لم يروا مثله، فينكرونه استعظامًا له.

{خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} [القمر: 7] وقرئ خاشعًا، ويجوز في أسماء الفاعلين إذا تقدمت على الجماعة التوحيد، والجمع، والتأنيث، تقول: مررت بشباب حسن أوجههم، وحسان أوجههم، وحسنة أوجههم، وفي قراءة عبد الله خاشعة أبصارهم أي: ذليلة خاضعة عند رؤية العذاب، {يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ} [القمر: 7] وهي القبور، {كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ} [القمر: 7] ينبت بعضها في بعض، والمعنى: أنهم يخرجون فزعين، لا جهة لأحد منهم فيقصدها، والجراد لا جهة لها، تكون أبدًا مختلفة بعضها في بعض.

{مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} [القمر: 8] مقبلين إلى صوت إسرافيل، {يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ} [القمر: 8] صعب شديد، قال ابن عباس: عسير على الكافرين، سهل يسير على المؤمنين.

كقوله: {يَوْمٌ عَسِيرٌ {9} عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ {10} } [المدثر: 9-10] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015