أجابه الله تعالى، فأعتق تسعة من المؤمنين، يعذبون في الله، ولم يرد شيئًا من الخير إلا أعانه الله عليه، واستجاب الله له في ذريته إذ قال: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} [الأحقاف: 15] فلم يبق له ولد، ولا والد، ولا والدة إلا آمنوا بالله وحده.
أخبرنا أبو بكر التميمي، أنا عبد الله بن محمد الحافظ، أنا إسحاق بن أحمد الفارسي، سمعت محمد بن إسماعيل البخاري، يقول: حدثني عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة، قال: قال لي موسى بن عقبة: لم يدرك أربعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هم وأبناؤهم إلا هؤلاء: أبو قحافة، وأبو بكر، وابنه عبد الرحمن , وأبو عتيق بن عبد الرحمن بن أبي بكر.
قال البخاري: أبو عتيق أدرك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو ابن عبد الرحمن بن أبي بكر.
وقوله: {إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف: 15] قال عطاء، عن ابن عباس: إني رجعت إلى كل ما تحب، وأسلمت لك بقلبي ولساني.
أولئك يعني: أهل هذا القول، {نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} [الأحقاف: 16] يعني: الأعمال الصالحة التي عملوها في الدنيا، وكلها حسن، فالأحسن بمعنى: الحسن، {وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ} [الأحقاف: 16] قال عطاء: يريد ما كان في الشرك.
{فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ} [الأحقاف: 16] أي: في جملة من يتجاوز عنهم، وهم أصحاب الجنة، وعد الصدق يعني: ما وعد الله أهل الإيمان أن يتقبل من محسنيهم، ويتجاوز عن مسيئيهم، {الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} [الأحقاف: 16] في الدنيا على لسان الرسل.
{وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ {17} أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ {18} وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ {19} } [الأحقاف: 17-19] .
{وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ} [الأحقاف: 17] المفسرون على أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه، كان أبواه يدعوانه إلى الإسلام