هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {4} وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ {5} وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ {6} } [الأحقاف: 4-6] .

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأحقاف: 4] مفسر في { [فاطر، إلى قوله:] ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا} [سورة الأحقاف: 4] من قبل القرآن، فيه برهان ما تدعون من عبادة الأصنام، أو أثارة أي: بقية، من علم يقال: ناقة ذات أثارة، أي: بقية من شحم.

قال ابن قتيبة: أي: بقية من علم عن الأولين.

وقال الفراء، والمبرد: يعني: ما يؤثر من علم من كتب الأولين.

وهو معنى قول المفسرين.

وقال عطاء: يريد: أو شيء تأثرونه عن نبي كان قبل محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقال مقاتل: أو رواية من علم عن الأنبياء.

{إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأحقاف: 4] أن لله شريكًا.

ثم ذكر ضلالتهم، فقال: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ} [الأحقاف: 5] يعني: الأصنام لا تجيب عابديها إلى شيء يسألونه، {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأحقاف: 5] يعني: أبدًا ما دامت الدنيا، {وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} [الأحقاف: 5] لأنها جماد لا تسمع.

ثم إذا قامت القيامة، صارت الآلهة أعداء لمن عبدها في الدنيا، وهو قوله: {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً} [الأحقاف: 6] وهذا كقوله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} [مريم: 82] وذلك أنهم يتبرءون من عابديهم، كقوله: {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} [القصص: 63] .

ثم ذكر أنهم يسمون القرآن سحرًا، فقال: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ {7} أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {8} قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ {9} قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {10} } [الأحقاف: 7-10] .

{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا} [الأحقاف: 7] الآية.

ويقولون: إن محمدًا أتى به من قبل نفسه، وهو قوله: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} [الأحقاف: 8] .

فقال الله: {قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [الأحقاف: 8] لا تقدرون على أن تردوا عني عذابه، أي: فكيف أفتري على الله من أجلكم، وأنتم لا تقدرون على دفع عقابي عني، إن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015