لأنفسهم، بما جنوا عليها من العذاب.
وقوله: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77] يدعون خازن جهنم، {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77] الموت، والمعنى: أنهم توسلوا بمالك إلى الله تعالى، ليسأل لهم الموت، فيستريحوا من شدة العذاب، فيسكت عنهم، ولا يجيبهم أربعين سنة في قول عبد الله بن عمرو، والكلبي، ومقاتل.
وألف سنة فيما روي عن ابن عباس.
ثم يقول: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77] مقيمون في العذاب.
{لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ} [الزخرف: 78] يقول الله تعالى: أرسلنا إليكم يا معشر قريش محمدا رسولنا، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} [الزخرف: 78] قال ابن عباس: يريد: كلكم كارهون لما جاء به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
{أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا} [الزخرف: 79] بل أحكموا أمرا في كيد محمد، والمكر به، فإنا مبرمون محكمون في مجازاتهم، قال مجاهد: إن كادوا شرا، كدتهم مثله.
{أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} [الزخرف: 80] سرهم: ما يسرونه من غيرهم، ونجواهم: ما يتناجون به بينهم، بلى نسمع ذلك، ورسلنا من الملائكة، يعني: الحفظة، لديهم يكتبون.
قوله: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ} [الزخرف: 81] في قولكم، وعلى زعمكم، {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: 81] أول من عبد الله ووحده، والمعنى: فأنا أول الموحدين، لأن من عبد الله واعترف بأنه إلهه، فقد دفع أن يكون له ولد.
قال ابن قتيبة: لما قال المشركون: لله ولد.
ولم يرجعوا عن مقالتهم، بما أنزل الله على رسوله من التبرؤ من ذلك، قال الله عز وجل لرسوله: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ {81} سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ {82} فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ {83} } [الزخرف: 81-83] .
قل لهم، {إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ} [الزخرف: 81] أي: عندكم، وفي ادعائكم، {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: 81] أول الموحدين، ومن وحد الله فقد عبده، ومن جعل له ولدا أو ندا، فليس من العابدين، وإن اجتهد.