نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ} [الزخرف: 32] الآية.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاقَكُمْ كَمَا قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ وَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ أَحَبَّ وَمَنْ لا يُحِبُّ، وَلا يُعْطِي الدِّينَ إِلا مَنْ أَحَبَّ فَمَنْ أَعْطَاهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ.
وقال قتادة في قوله: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ} [الزخرف: 32] : تلقى الرجل ضعيف الحيلة، عيي اللسان، وهو مبسوط له في الرزق، وتلقاه شديد الحيلة، بسط اللسان، وهو مقتر عليه.
وقوله: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [الزخرف: 32] يعني: الفضل في الغنى والمال، {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 32] ليستخدم بعضهم بعضا، فيتسخر الأغنياء بأموالهم الفقراء، ليلتئم قوام أمر العالم، وقال قتادة: ليملك بعضهم بما لهم بعضا، فيتخذونهم عبيدا ومماليك.
وقوله: {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف: 32] يعني: الجنة للمؤمنين خير مما يجمع الكفار من الدنيا، أي: النبوة لك خير من أموالهم التي يجمعونها.
ثم أخبر عن قلة الدنيا عنده، فقال: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [الزخرف: 33] لولا أن يجتمعوا على الكفر، {لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ} [الزخرف: 33] لهوان الدنيا عندنا، {لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} [الزخرف: 33] يعني: سماء البيت، وهو واحد يدل على الجمع، وعلم بقوله: لبيوتهم أي: أن لكل بيت سقفا، وقرئ: سقفا وهو جمع سقف، مثل رهن ورهن، وفرس ورد، وخيل ورد، ومعارج يعني: الدرج، عليها يظهرون يرتقون ويعلون، يقال: ظهر على البيت وعلى السطح، إذا علاه.
ولبيوتهم أبوابا أي: من فضة، وسررا من فضة، وهو جمع سرير، عليها يتكئون من الاتكاء، وهو التحامل على الشيء.
وزخرفا كلهم قالوا: إنه الذهب.
والمعنى: ونجعل لهم مع ذلك ذهبا وغنى، ومعنى الآية: لولا أن تميل الدنيا بالناس، فيصير الخلق كفارا، لأعطى الله