ولما ذكر هؤلاء المكذبين، قال: أولئك الأحزاب فأعلمنا أن مشركي قريش حزب من هؤلاء الأحزاب.
إن كل ما كل منهم، {إِلا كَذَّبَ الرُّسُلَ} [ص: 14] فوجب عليهم عقابي بتكذيبهم.
{وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلاءِ} [ص: 15] يعني كفار مكة، أي: ما ينتظرون لوقوع العذاب بهم، {إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً} [ص: 15] يعني: النفخة الأخيرة، {مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} [ص: 15] وقرئ بالضم، قال الزجاج: فواق وفواق بضم الفاء وفتحها، أي: ما لها من رجوع.
والفواق ما بين حلبتي الناقة، وهو مشتق من الرجوع أيضا، لأنه يعود اللبن إلى الضرع بين الحلبتين، وأفاق من مرضه أي رجع إلى الصحة.
قال مجاهد: ما لها من فواق رجوع.
أي: ما يرد ذلك الصوت فيكون له رجوع، وهو معنى قول مقاتل: من مرد ولا رجعة.
وقال قتادة، والضحاك: ليس لها مثنوية.
أي صرف ورد، والمعنى أن تلك الصيحة التي هي ميعاد عذابهم إذا جاءت لم ترد ولم تصرف حتى يبعثوا وينجز لهم ميعاد العذاب.
قوله تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ} [ص: 16] معنى القط في اللغة: النصيب، من القط بمعنى القطع، والنصيب إنما هو القطعة من الشيء، وتسمى كتب الجوائز قطوطا لأنهم كانوا يكتبون الأنصباء من العطايا في الصحائف.
يقال: أخذ فلان قطة إذ أخذ كتابه الذي كتب له بجائزته وصلته، ثم سميت الكتب قطوطا وإن لم تكن للصلة، والمفسرون مختلفون على هذين القولين: فقال ابن عباس: قطنا، حظنا من العذاب والعقوبة.
وقال قتادة: نصيبنا من العذاب، يقولون ذلك استهزاء.
وقال سعيد بن جبير، والسدي: لما ذكر لهم ما في الجنة {قَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا} [ص: 16] نصيبنا منها في الدنيا.