يصلى الجحيم.
وهو قوله: {إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 163] يعني أن قضاءه سبق في قوم بالشقاوة وأنهم يصلون النار، فهم الذين يضلون في الدنيا ويعبدون الأصنام.
ثم قال جبريل للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وما منا يا معاشر الملائكة، {إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} [الصافات: 164] في السموات يعبد الله فيه، قال الزجاج: هذا قول الملائكة وفيه مضمر.
المعنى: وما منا ملك إلا له مقام معلوم.
{وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} [الصافات: 165] قال قتادة: هم الملائكة صفوا أقدامهم.
وقال الكلبي: صفوف الملائكة في السماء كصفوف أهل الدنيا في الأرض.
{وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} [الصافات: 166] المصلون لله المنزهون الله عن السوء، يخبر جبريل النبي عليهما السلام أنهم يعبدون الله بالصلاة والتسبيح وأنهم ليسوا بمعبودين ولا بنات الله كما زعمت الكفار.
ثم عاد الكلام إلى الإخبار عن المشركين، فقال: {وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ {167} لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الأَوَّلِينَ {168} } [الصافات: 167-168] أي: كتابا من كتب الأولين، وذلك أنهم قالوا: لو جاءنا ذكر كما جاء غيرنا من الأولين.
{لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} [الصافات: 169] وهذا كقوله تعالى: {أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ} [الأنعام: 157] .
قال تعالى: {فَكَفَرُوا بِهِ} [الصافات: 170] المعنى: نجاهم ما طلبوا به، فسوف يعلمون عاقبة كفرهم، وهذا تهديد لهم.
ثم ذكر العاقبة للأنبياء بالنصر وإن كذبهم قومهم، فقال: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ {171} إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ {172} وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ {173} فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ {174} وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ {175} أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ {176} فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ {177} وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ {178} وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ {179} } [الصافات: 171-179] {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 171] أي: تقدم الوعد بأن الله ينصرهم بالحجة والظفر بعدوهم، قال مقاتل: عنى بالكلمة قوله: {كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: 21] فهذه الكلمة التي سبقت.
{وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 173] حزب الله لهم الغلبة بالحجة والنصرة في العاقبة، لأنهم ينجون من عذاب الدنيا والآخرة.
فتول عنهم أعرض عنهم، حتى حين قال مجاهد، والسدي: حتى نأمرك بالقتال.
وأبصرهم إذا نزل بهم العذاب، فسوف يبصرون ذلك.
فقالوا متى هذا العذاب، فأنزل {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ {176} فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ} [الصافات: 176-177] قال مقاتل: بحضرتهم.
وقال الفراء: العرب تكتفي بالساحة، والعقوة من القوم يقولون: نزل بك العذاب وبساحتك.
والساحة: متسع الدار.
{فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ} [الصافات: 177] بئس صباح الذين أنذروا بالعذاب، وذلك أنهم يصبحون في العذاب معذبين.
ثم كرر ما سبق تأكيدا لوعد العذاب، فقال: {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ {178} وَأَبْصِرْ} [الصافات: 178-179] العذاب إذا نزل بهم، فسوف يبصرون تهديد لهم.
ثم نزه نفسه عن بهتهم ووصفهم بقوله: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ {180} وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ {181} وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {182} } [الصافات: 180-182] {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصافات: 180] العزة: الغلبة والقوة، عما يصفون من اتخاذ البنات والنساء.
{وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 181] الذين بلغوا عن الله التوحيد والشرائع.
{وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 182] على هلاك المشركين ونصرة الأنبياء والأولياء.
788 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ، نا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، نا هُشَيْمٌ، عَنْ