{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا {57} وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {58} } [الأحزاب: 57-58] قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: 57] قال المفسرون: هم المشركون واليهود والنصارى، وصفوا الله بالولد فقالوا عزيرا ابن الله، والمسيح ابن الله، والملائكة بنات الله، وكذبوا رسوله، وشجوا وجهه، وكسروا رباعتيه، وقالوا مجنون، شاعر، ساحر، كذاب.
ويدل على صحة هذا التفسير ما روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «ما أجد أصبر على أذى يسمعه من الله أنه يجعل له ند ويجعل له ولد وهو على ذلك يعافيهم ويعطيهم ويرزقهم» .
ومعنى يؤذون الله: يخالفون أمره ويعصونه، ويصفونه بما هو منزه عنه، والله تعالى لا يلحقه أذى، ولكن لما كانت مخالفة الأمر فيما بيننا تسمى إيذاء خوطبنا بما نتعارفه.
وقوله: {لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [الأحزاب: 57] يعني القتل والجلاء في الدنيا، والعذاب بالنار في الآخرة، وهو قوله: {وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا {57} وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} [الأحزاب: 57-58] قال مجاهد: يقعون فيهم بغير ما عملوا، يعني يرمونهم بما ليس فيهم، وروي أن رجلا شتم علقمة، فقرأ هذه الآية.
وقال قتادة، والحسن: إياكم وأذى المؤمنين، فإن الله يغضب له.
763 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو النَّيْسَابُورِيُّ، أنا حَمْزَةُ بْنُ شَبِيبٍ الْمَعْمَرِيُّ، أنا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاذٍ السُّلَمِيُّ، نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، نا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ عَجَبًا؛ رَأَيْتُ رِجَالا يُعَلَّقُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا {فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}
{يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {59} لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا {60} مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا {61} سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا {62} } [الأحزاب: 59-62] {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] جمع جلباب، وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة، قال المفسرون: يغطين رءوسهن ووجوهن إلا عينا واحدة، فيعلم أنهن حرائر، فلا يعرض لهن بأذى.
وهو قوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59] قال السدي: كانت المدينة ضيقة المنازل، وكانت النساء يخرجن بالليل لقضاء الحاجة، وكان فساق من فساق المدينة يخرجون، فإذا رأوا المرأة عليها قناع قالوا هذا حرة فتركونا، وإذا رأوا المرأة بغير قناع قالوا أمة فكابروها.
وقوله: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا} [الأحزاب: 59] أي: لمن اتبع أمره، رحيما به.
ثم أوعد هؤلاء الفساق، فقال: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ} [الأحزاب: 60] عن