المثنى، عن عبد الوهاب، عن داود.
وقوله: وتخشى الناس تخاف لائمتهم أن يقولوا أمر رجلا بطلاق امرأته ثم نكحها، وذلك أنه كان يريد أن يطلقها من حيث ميل القلب، ولكنه خاف قالة الناس، وقال عطاء، عن ابن عباس: المراد بالناس في هذه الآية اليهود، خشي أن يقولوا تزوج محمد امرأة ابنه.
وقوله: {وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: 37] أي: هو أولى بأن تخشاه في كل الأحوال وجميع الأمور، ليس أنه لم يخش الله في شيء من هذه القصة، ولكنه لما ذكر خشيته من الناس ذكر خشية الله، وأنه أحق بالخشية منهم.
وروي عن علي بن الحسين رضي الله عنه في هذه الآية أنه قال: كان الله عز وجل قد أعلم نبيه أن زينب تكون من أزواجه، وأن زيدا سيطلقها، وعلى هذا يجوز أن يكون النبي عليه السلام معاتبا على قوله: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: 37] مع علمه بأنها ستكون زوجته، وكتمانه ما أخبره الله به، ويكون قوله: {وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: 37] أي: في كتمان ما أخبرك، وإنما كتم النبي عليه السلام ذلك لأنه خشي أن يقول لزيد: زوجتك ستكون امرأتي.
وقوله: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] معنى قضاء الوطر في اللغة: بلوغ منتهى ما بالنفس من الشيء، يقال: قضى وطرا منها إذا بلغ ما أراد من حاجته فيها، ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:
أيها الرابح المجد ابتكارا ... قد قضى من تهامة الأوطارا
أي: فرغ من أعمال الحج وبلغ ما أراد منه ثم صار، عبارة عن الطلاق، ولأن الرجل إنما يطلق امرأته إذا لم تعد له فيها حاجة.
وروى ثابت، عن أنس، قال: لما انقضت عدة زينب قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لزيد: اذهب فاذكرها عليّ.
قال زيد: فانطلقت، فقلت: يا زينب أبشري، أرسلني نبي الله عليه السلام يذكرك، ونزل القرآن.
وجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودخل عليها بغير إذن، لقوله تعالى: زوجناكها وهذا يدل على أن كل امرأة أراد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نكاحها فهو مستغن عن الولي والشهود، وكانت زينب تفاخر نساء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتقول: زوجكن أهلوكن وزوجني الله عز وجل.
754 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْفَقِيهُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ، أنا أَبِي، أنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، نا الْحَسَنُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ تَفْخَرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقُولُ: زَوَّجَنِي اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ، وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ خَلادِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عِيسَى بْنِ طَهْمَانَ
قال المفسرون: ذكر قضاء الوطر ههنا بيانا أن امرأة المتبنى تحل وإن وطئها، وهو قوله: {لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ} [الأحزاب: 37] أي: زوجناك زينب، وهي امرأة زيد الذي تبنيته،