نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ {98} وَمَا أَضَلَّنَا إِلا الْمُجْرِمُونَ {99} فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ {100} وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ {101} فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ {102} إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ {103} وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {104} } [الشعراء: 90-104] {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الشعراء: 90] قربت الجنة لأولياء الله حتى نظروا إليها.
{وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ} [الشعراء: 91] أي: أظهرت وكشف الغطاء عنها، {لِلْغَاوِينَ} [الشعراء: 91] الضالين عن الهدى.
{وَقِيلَ لَهُمْ} [الشعراء: 92] في ذلك اليوم على وجه التوبيخ: {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ {92} مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ} [الشعراء: 92-93] يمنعونكم من العذاب، {أَوْ يَنْتَصِرُونَ} [الشعراء: 93] يمتنعون منه.
ثم يؤمر بهم فيلقون في النار، فذلك قوله: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا} [الشعراء: 94] قال الزجاج: طرح بعضهم على بعض.
وقال ابن قتيبة: ألقوا على رءوسهم.
وقال مقاتل: قذفوا فيها {هُمْ وَالْغَاوُونَ} [الشعراء: 94] قال السدي: يعني الألهة والمشركين.
وقال عطاء: هم وما يعبدون من دون الله.
{وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} [الشعراء: 95] يعني: ذرية إبليس كلهم.
قَالُوا يعني الغاوين، {وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ} [الشعراء: 96] مع معبوديهم: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ {97} إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ {98} } [الشعراء: 97-98] والله ما كنا إلا في ضلال حيث سويناكم بالله فأعظمناكم وعدلناكم به.
{وَمَا أَضَلَّنَا} [الشعراء: 99] عن الهدى {إِلا الْمُجْرِمُونَ} [الشعراء: 99] قال مقاتل: الشياطين.
وقال الكلبي: إلا أولونا الذين اقتدينا بهم.
{فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ} [الشعراء: 100] من يشفع لنا من الملائكة والنبيين والمؤمنين، حيث يشفعون لأهل التوحيد.
{وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء: 101] ذي قرابة يهمه أمرنا، والحميم القريب الذي توده ويودك، قال ابن عباس: إن المؤمن يشفع يوم القيامة للمؤمن المذنب.
675 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الثَّقَفِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْيَقْطِينِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ يَزِيدَ الْعُقَيْلِيُّ، نا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، نا مَنْ، سَمِعَ أَبَا الزُّبَيْرِ يَقُولُ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " إِنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ فِي الْجَنَّةِ: مَا فَعَلَ صَدِيقِي فُلانٌ، وَصَدِيقُهُ الْحَمِيمُ، فَيَقُولُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: أَخْرِجُوا لَهُ صَدِيقَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: مَنْ بَقِيَ فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ
ثم قالوا: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} [الشعراء: 102] أي: رجعة إلى الدنيا، {فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 102] المصدقين بالتوحيد، أي: لتحل لنا الشفاعة كما حلت لأهل التوحيد.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ} [الشعراء: 103] فيما أخبر من قصة إبراهيم، {لآيَةً} [الشعراء: 103] لعبرة لمن بعدهم، والباقي قد تقدم تفسيره إلى قوله: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ {105} إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ {106} إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ {107} فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ {108} وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ {109} فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ {110} } [الشعراء: 105-110] {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: 105] قال الزجاج: دخلت التاء وقوم مذكرون، لأن المراد بالقوم الجماعة.
أي: كذبت جماعة قوم نوح المرسلين، لأن من كذب رسولا واحدا من رسل الله فقد كذب الجماعة، لأن كل رسول يأمر بتصديق جميع الرسل.
{إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ} [الشعراء: 106] ابن أبيهم، والأخوة كانت من جهة النسب لا من جهة الدين، {أَلا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 106] عذاب الله بتوحيده وطاعته.
{إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} [الشعراء: 107] على الرسالة فيما بيني وبين ربكم.
{فَاتَّقُوا اللَّهَ} [الشعراء: 108] بطاعته وعبادته، {وَأَطِيعُونِ} [الشعراء: 108] فيما آمركم به من الإيمان والتوحيد.
{وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ} [الشعراء: 109] على الدعاء إلى التوحيد، {مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ} [الشعراء: 109] ما أجري وثوابي، {إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 109] والرسل إذا لم يسألوا أجرا كانوا أقرب إلى التصديق، وأبعد عن التهمة.
{قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ {111} قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {112} إِنْ حِسَابُهُمْ إِلا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ {113} وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ {114} إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ {115} } [الشعراء: 111-115] {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ} [الشعراء: 111] أنصدق لقولك، {وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ} [الشعراء: 111] قال عطاء: المساكين الذين ليس لهم مال ولا عز.
وقال الضحاك، وعكرمة: يعنون الحاكة والإساكفة.
قال الزجاج: والصناعات لا تضر في باب الديانات.
قَالَ نوح: {وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الشعراء: 112] أي: ما أعلم أعمالهم وصنائعهم ولم أكلف ذلك، وإنما كلفت أن أدعوهم.
{إِنْ حِسَابُهُمْ} [الشعراء: 113] ما حسابهم فيما يعملون، {إِلا عَلَى