مُحْدَثٍ} [الشعراء: 5] في الوحي والتنزيل، قال الكلبي: كلما نزل شيء من القرآن بعد شيء، فهو أحدث من الأول.
وقوله: {فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ} [الشعراء: 6] الآية مفسرة في { [الأنعام.
ثم ذكر ما يدلهم على قدرته، فقال:] أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الأَرْضِ} [سورة الشعراء: 7] يعني المكذبين، {كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا} [الشعراء: 7] بعد أن كانت ميتة لا نبات فيها، {مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} [الشعراء: 7] من كل صنف وضرب حسن في المنظر مما يأكل الناس والأنعام، قال الزجاج: معنى زوج نوع، وكريم محمود فيما يحتاج إليه، والمعنى: من كل زوج نافع لا يقدر على إنباته إلا رب العالمين.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ} [الشعراء: 8] يعني: ما ذكر من الإنبات في الأرض، {لآيَةً} [الشعراء: 8] تدل على أن الله قادر لا يعجزه شيء، {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 8] في علم الله، يقول: قد سبق في علمي أن أكثرهم لا يؤمنون.
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ} [الشعراء: 9] المنتقم من أعدائه، {الرَّحِيمُ} [الشعراء: 9] بأوليائه.
{وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {10} قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ {11} قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ {12} وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ {13} وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ {14} قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ {15} فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ {16} أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ {17} قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ {18} وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ {19} قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ {20} فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ {21} وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ {22} } [الشعراء: 10-22] {وَإِذْ نَادَى} [الشعراء: 10] واتل على قومك إذ نادى الله، {مُوسَى} [الشعراء: 10] حين رأى الشجرة والنار، بأن قال له: يا موسى {أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الشعراء: 10] يعني: الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية، وظلموا بني إسرائيل بأن ساموهم سوء العذاب.
ثم أخبر عنهم، فقال: {قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ} [الشعراء: 11] ألا يصرفون عن أنفسهم عقوبة الله بطاعته.
{قَالَ} [الشعراء: 12] موسى: {رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} [الشعراء: 12] بالرسالة، ويقولون: لست من عند الله.
{وَيَضِيقُ صَدْرِي} [الشعراء: 13] بتكذيبهم إياي، {وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي} [الشعراء: 13] لا ينبعث بالكلام للعلة التي كانت بلسانه، {فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ} [الشعراء: 13] جبريل ليكون معي معينا.
{وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} [الشعراء: 14] قتلت منهم قتيلا، يعني الرجل الذي وكزه فقضى عليه، والمعنى: ولهم عليّ دعوى ذنب، {فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} [الشعراء: 14] .
{قَالَ} [الشعراء: 15] الله: {كَلَّا} [الشعراء: 15] لن يقتلوك به لأني لا أسلطهم عليك، {فَاذْهَبَا} [الشعراء: 15] أنت وأخوك، {بِآيَاتِنَا} [الشعراء: 15] أي: ما أعطاهما من المعجزة، {إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ} [الشعراء: 15] قال ابن عباس: يريد نفسه.
وهذا كما قال: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] وإنما قال معكم لأنه أجراهم مجرى الجماعة، والمعنى: نسمع ما تقولونه وما يجيبونكما به.
{فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 16] الرسول واحد في موضع التثنية ههنا، كما قال: {وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} [الكهف: 50] .
{أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: 17] أي بأن أرسلهم وأطلقهم من الاستبعاد، وحل عنهم، فأتياه وبلغاه الرسالة.
فقال: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا} [الشعراء: 18] صبيا صغيرا، وذلك أنه ولد فيهم، ثم كان فيما بينهم حتى صار رجلا، وهو قوله: {وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} [الشعراء: 18] قال ابن عباس: ثمانية عشر سنة.
وقال