في بئر لهم يقال له الرس، أي دسوه فيها.

وقال قتادة: حدثنا أن أصحاب الرس كانوا أهل فلج باليمامة، وآبار كانوا عليها.

وقال وهب: كانوا أهل بئر نزولا عليها، وأصحاب مواشي، فكذبوا شعيبا، فانهارت البئر بهم وبمنازلهم، فهلكوا جميعا.

وقوله: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} [الفرقان: 38] أي: وأهلكنا قرونا بين عاد إلى أصحاب الرس.

{وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الأَمْثَالَ} [الفرقان: 39] قال مقاتل: وكلا بينا لهم أن العذاب نازل بهم إن لم يؤمنوا.

{وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا} [الفرقان: 39] أهلكنا بالعذاب إهلاكا، قال الزجاج: وكل شيء كسرته وفتته فقد تبرته.

{وَلَقَدْ أَتَوْا} [الفرقان: 40] يعني: كفار مكة، {عَلَى الْقَرْيَةِ} [الفرقان: 40] يعني: قرية لوط، {الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ} [الفرقان: 40] يعني: الحجارة، {أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا} [الفرقان: 40] في أسفارهم إذا مروا بها فيخافوا ويعتبروا، ثم أخبر أن الذي جرأهم على التكذيب أنهم لا يصدقون بالبعث، فقال: {بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا} [الفرقان: 40] لا يخافون بعثا ولا يصدقون به.

قوله: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولا {41} إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا {42} أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا {43} أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا {44} } [الفرقان: 41-44] {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلا هُزُوًا} [الفرقان: 41] وما يتخذونك إلا مهزوءا به، ثم ذكر ما يقولون من الاستهزاء، فقال: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولا} [الفرقان: 41] أي: إذا رأوك قالوا: أهذا الذي بعثه الله إلينا رسولا؟ {إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا} [الفرقان: 42] قال ابن عباس: لقد كاد أن يصرفنا عن عبادة آلهتنا.

{لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا} [الفرقان: 42] أي: على عبادتها، قال الله: {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ} [الفرقان: 42] في الآخرة عيانا، {مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا} [الفرقان: 42] من أخطأ طريقا عن الهدى، أهم أم المؤمنون؟ ثم عجب نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من نهاية جهلهم حين عبدوا ما دعاهم إليه الهوى، فقال: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان: 43] قال عطاء، عن ابن عباس: أرأيت من ترك عبادة إلهه وخالفه، ثم هوى حجرا فعبده، ما حاله عندي؟ قال مقاتل: وذلك إن الحارث بن قيس السهمي هوي حجرا فعبده.

وقال سعيد بن جبير: كان أهل الجاهلية ليعبدون الحجر، فإذا رأوا أحسن منه أخذوه وتركوا الأول.

وقال الحسن: يقول: لا يهوى شيئا إلا اتبعه.

وقال ابن قتيبة: يقول: يتبع هواه ويدع الحق فهو كالإله له.

والمعنى أنه أطاع هواه وركبه فلم يبال عاقبة ذلك، وقوله: {أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا} [الفرقان: 43] أي: أفأنت عليه كفيل حافظ يحفظه عليه من أتباع هواه وعبادة ما يهوى من دون الله، أي: ليست كذلك، قال الكلبي: نسختها آية القتال.

{أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا} [الفرقان: 44] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015