إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج: 38] غائلة المشركين بمنعهم منهم ونصرهم عليهم، وقرئ يدافع وهو بمعنى يدفع، وإن كان من المفاعلة {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [الحج: 38] قال ابن عباس: يريد الذين خانوا الله، وجعلوا معه شريكا، وكفروا نعمه، وقال الزجاج: من ذكر اسم الله وتقرب إلى الأصنام بذبيحة، فهو خوان كفور.
قوله: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ {39} الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ {40} } [الحج: 39-40] {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ} [الحج: 39] الآية، قال المفسرون: كان مشركوا أهل مكة يؤذون أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا يزالون يجيئون من بين مضروب ومشجون ويشكون ذلك، فيقول لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اصبروا فإني لم أومر بالقتال» .
حتى هاجروا، فأنزل الله هذه الآية بالمدينة، وهي أول آية أنزلت في القتال.
وقرئ أذن بفتح الألف على إسناد الفعل إلى الله تعالى لتقدم ذكره، قوله: بأنهم ظلموا أي: بسبب ما ظلموا واعتدوا عليهم بإيذائهم، وإخراجهم عن ديارهم، وقصدهم بالضرب والإهانة، وقرئ يقاتلون بفتح التاء، أي الذين يقاتلهم المشركون المؤمنون، ويقوي هذه القراءة أن الفعل الذي بعده مسند إلى المفعول به، وهو قوله: ظلموا وفي الآية محذوف تقديره: أذن لهم أن يقاتلوا، أو بالقتال، ثم وعدهم النصر فقال: {وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39] يعني: المؤمنين.
ثم وصفهم، فقال: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} [الحج: 40] قال سيبويه: هذا من الاستثناء المنقطع، المعنى: لكن بأن يقولوا ربنا الله.
أخرجوهم بتوحيدهم {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} [الحج: 40] وقرئ ولولا دفاع الله وتقدم الكلام في هذا، وقوله: لهدمت يقال: هدمت البناء إذا قضضته فانهدم.
وقرى بالتشديد والتخفيف، يكون للكثير والقليل، والتشديد يختص به الكثير، وقوله: صوامع قال مجاهد، والضحاك: يعني صوامع الرهبان.
وقال قتادة: الصوامع للصابئين، وهي متعبداتهم.
وبيع جمع بيعة وهي كنيسة النصارى، وصلوات وهي كنايس اليهود، وهي بالعبرانية صلوتا، {وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج: 40] بمعنى: مساجد المسلمين من أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعنى الآية يقول: لولا دفع الله الناس عن القتال ببعض الناس، لهدم في شريعة كل نبي