النهي، فهو حسن، لأن المعنى: ومن يعمل من الصالحات، وهو مؤمن فليأمن، لأنه لم يفرط فيما وجب عليه، ونهيه عن الخوف أمر بالأمن، وقوله: {ظُلْمًا وَلا هَضْمًا} [طه: 112] الهضم: النقص، يقال: يهضمني فلان حقي، أي ينقصني.
قال الوالبي، عن ابن عباس: لا يخاف أن يظلم فيزاد عليه فِي سيئاته، ولا أن يهضم من حسناته.
وقال الضحاك: لا يؤخذ بذنب لم يعمله، ولا تبطل حسنة عملها.
{وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا {113} فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْءَانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا {114} } [طه: 113-114] وَكَذَلِكَ كما بينا فِي هذه ال { [، أنزلناه أنزلنا هذا الكتاب،] قُرْءَانًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ} [سورة طه: 113] بينا فيه ضروب الوعيد، قال قتادة: يعني وقائعه فِي الأمم المكذبة.
لعلهم يتقون ليكون سببا لاتقائهم الشرك بالاتعاظ بمن قبلهم، {أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} [طه: 113] يجدد لهم القرآن اعتبارا، فيتذكروا به عقاب الله للأمم، فيعتبروا.
وقوله: {فَتَعَالَى اللَّهُ} [طه: 114] أي: جل عن إلحاد الملحدين، وعما يقول المشركون فِي صفته، الملك الذي بيده الثواب والعقاب، فهو يملكها، الحق معناه ذو الحق، وقد تقدم الكلام فيه {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْءَانِ} [طه: 114] قال ابن عباس، والمفسرون: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبادر جبريل، فيقرأ قبل أن يفرغ من الوحي، حرصا منه على ما كان ينزل عليه، وشفقة على القرآن، مخافة الانفلات والنسيان، فنهاه الله عن ذلك، يقول: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْءَانِ} [طه: 114] أي: بقراءته، {مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [طه: 114] من قبل أن يفرغ جبريل من تلاوته عليك، وهذا كقوله: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: 16] .
{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] أي: بالقرآن ومعانيه، وكان ابن مسعود إذا قرأ هذه الآية، قال: اللهم زدني علما وإيمانا ويقينا.
{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا {115} وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى {116} فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى {117} إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى {118} وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى {119} فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى {120} فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى {121} ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى {122} } [طه: 115-122] قوله: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ} [طه: 115] أي: أمرناه وأوصينا إليه أن لا يأكل من الشجرة، من قبل هؤلاء الذين نقضوا عهدي، وتركوا الإيمان بي، وهم الذين ذكر فِي قوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [طه: 113] والمعنى أنهم إن نقضوا العهد، فإن آدم أيضا عهدنا إليه،