يعني المطر، وتم الإخبار عن موسى، ثم أخبر الله تعالى عن نفسه متصلا بالكلام الأول بقوله: فأخرجنا به بذلك الماء، {أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} [طه: 53] قال ابن عباس: أصنافا من النبات مختلفة: أبيض، وأحمر، وأخضر، وأصفر، وكل لون منها زوج.

ولا واحد لشتى من لفظه.

كلوا أي: مما أخرجنا بالمطر من النبات والثمار، {وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ} [طه: 54] يقال: رعت الماشية الكلأ رعيا، ورعاها صاحبها رعاية إذا أسرحها فِي المراعي.

والمعنى: أسيموا مواشيكم فيما انبتناه بالمطر، ومعنى هذا الأمر التذكير بالنعمة، {إِنَّ فِي ذَلِكَ} [طه: 54] مما ذكر، {لآيَاتٍ لأُولِي النُّهَى} [طه: 54] لذوي العقول الذين يتناهون بعقولهم عن معاصي الله، وإنما خص أولي النهي لأنهم أهل التفكر والاعتبار.

قوله: منها أي: من الأرض، وجرى ذكرها في قوله: {جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ} [طه: 53] ، {خَلَقْنَاكُمْ} [طه: 55] يعني: آدم خلق من الأرض، والبشر كلهم منه، {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] بعد الموت، {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] عند البعث، كما أخرجكم أولا عند خلق آدم من الأرض.

{وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى {56} قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى {57} فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى {58} قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى {59} } [طه: 56-59] {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ} [طه: 56] يعني فرعون، {آيَاتِنَا كُلَّهَا} [طه: 56] يعني: الآيات التسع، {فَكَذَّبَ} [طه: 56] نسب جميعها إلى الكذب، وأبى أن يقبل التوحيد، ونسب إلى موسى السحر.

وهو قوله: {قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا} [طه: 57] يعني مصر، {بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى} [طه: 57] تريد أن تغلب على ديارنا بسحرك فتملكها وتخرجنا منها.

{فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ} [طه: 58] فلنقابلن ما جئتنا به من السحر بسحر مثله، {فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا} [طه: 58] مكانا لا يقع منا خلاف فِي حضوره، تعد لحضورنا ذلك المكان، {لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ} [طه: 58] ثم بين ذلك، فقال: مكانا سوى وقرئ {سُوًى} [طه: 58] بضم السين، والمعنى: مكانا تستوي مسافته على الفريقين، فتكون مسافة كل فريق إليه كمسافة الفريق الآخر، وهذا معنى قول المفسرين، قال قتادة: نصفا.

وقال مقاتل: عدلا بيننا وبينك.

وقال مجاهد: منصفا.

فواعده موسى يوما معلوما، ويوما ووقتا معلوما، وهو قوله: {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} [طه: 59] قال مجاهد، وقتادة، والسدي: كان ذلك يوم عيد لهم يتزينون فِيهِ.

وقال سعيد بن جبير: كان ذلك يوم عاشورا.

{وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} [طه: 59] يعني: ضحى ذلك اليوم، ويريد بالناس أهل مصر، يقول: يحشرون إلى ضحى العيد ضحى، فينظرون إلى أمري وأمرك.

قال الفراء: يقول: إذا رأيت الناس يحشرون من كل ناحية ضحى فذلك الموعد.

قال: وجرت عادتهم بحشر الناس فِي ذلك اليوم.

{فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى {60} قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى {61} فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى {62} قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015