عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا} [مريم: 76] جزاء فِي الآخرة مما يفتخر به الكفار من مالهم وحسن معاشهم، {وَخَيْرٌ مَرَدًّا} [مريم: 76] المرد ههنا مصدر، مثل الرد، والمعنى: وخير رد للثواب على عامليها ليس كأعمال الكفار التي خسروها فبطلت، ويقال: هذا الأمر رد عليك، أي: أنفع لك، والمعنى: أنه يرد عليك ما تريد.
{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا {77} أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا {78} كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا {79} وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا {80} } [مريم: 77-80] وقوله: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا} [مريم: 77] قال جماعة أهل التفسير: نزلت فِي العاص بن وائل، وذلك أن خباب بن الأرت كان له عليه دين، فأتاه يتقاضاه، فقال: لا أقضيك حتى تكفر بإله محمد.
فقال خباب: والله لا أكفر بإله محمد حيا ولا ميتا ولا حين أبعث.
قال: فدع مالك قبلي، فإذا بعثت، أعطيت مالا وولدا، وقضيتك مما أعطى.
يقول ذلك مستهزءا، فأنزل الله {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا} [مريم: 77] يعني العاص، كفر بالقرآن، {وَقَالَ لأُوتَيَنَّ} [مريم: 77] لأعطين، {مَالا وَوَلَدًا} [مريم: 77] يعني فِي الجنة بعد البعث، وقرئ وولدا بضم الواو، وهما واحد، مثل العرب والعرب، والعجم والعجم.
599 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحَمْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّي، أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَطَّةَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، نا أَبُو خَيْثَمَةَ، نا وَكِيعٌ، نا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلا قَيْنًا وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ لِي: لا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ: لَنْ أَكْفُرَ بِهِ حَتَّى تَمُوتَ وَتُبْعَثَ، فَقَالَ: فَإِنِّي لَمَبْعُوثٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَسَوْفَ أَفِيكَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَى مَالِي وَوَلَدِي، قَالَ: فَنَزَلَتْ فِيهِ {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا} ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنِ الأَشَجِّ، عَنْ وَكِيعٍ وَكِلاهُمَا، عَنِ الأَعْمَشِ
قال الله تعالى تكذيبا له ومنكرا عليه: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ} [مريم: 78] قال ابن عباس، ومجاهد: أعلم ما غاب عنه حتى يعلم أفي الجنة أم لا؟ وقال الكلبي: أنظر فِي اللوح المحفوظ؟ {أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم: 78] قال ابن عباس: أم قال لا إله إلا الله، فأرحمه بها؟ وقال قتادة: يعني أقدم عملا صالحا يرجوه؟ كلا ليس الأمر على ما قال من أنه يؤتى المال والولد، ويجوز أن معنى كلا أي أنه لم يطلع على الغيب، ولم يتخذ عند الله عهدا، {سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ} [مريم: 79] سنأمر الحفظة بإثباته عليه لنجازيه به