الله يعني الأصنام، {وَأَدْعُو رَبِّي} [مريم: 48] أعبده، {عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} [مريم: 48] أرجو لا أشقى بعبادته، يعني: كما شقيتم أنتم بعبادة الأصنام لأنها لا تنفعهم ولا تجيب دعاءهم.
{فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا {49} وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا {50} } [مريم: 49-50] {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [مريم: 49] هجرهم فخرج إلى ناحية الشام، {وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [مريم: 49] آنسنا وحشته من فراقهم بأولاد كرام على الله، وكلا من هذين، {جَعَلْنَا نَبِيًّا} [مريم: 49] .
{وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا} [مريم: 50] المال والولد، وهذا قول الأكثرين، قالوا: يعني ما بسط لهم فِي الدنيا من سعة الرزق.
وقال آخرون: يعني الكتاب والنبوة، {وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ} [مريم: 50] ثناء حسنا فِي الناس، عليا مرتفعا سايرا فِي الناس، فكل أهل الأديان يتولون إبراهيم وذريته، ويثنون عليهم.
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا {51} وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا {52} وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا {53} } [مريم: 51-53] قوله: واذكر فِي الكتاب موسى إنه كان مُخْلِصًا أخلص العبادة والتوحيد لله، ومن قرأ {مُخْلَصًا} [مريم: 51] فهو الذي أخلصه الله من الدنس.
{وَنَادَيْنَاهُ} [مريم: 52] قال ابن عباس: يريد حين أقبل من مدين، ورأى النار فِي الشجرة، وهو قوله: {يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ} [القصص: 30] .
{مِنْ جَانِبِ الطُّورِ} [مريم: 52] من ناحية الجبل، وهو جبل بين مصر ومدين، واسمه زبير، {الأَيْمَنِ} [مريم: 52] يعني: الذي يلي يمين موسى، {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم: 52] مناجيا، والنجي بمعنى المناجي، كالجليس والنديم، قال ابن عباس: قربه الله وكلمه.
ومعنى هذا التقريب أن أسمعه كلامه، قال الزجاج: قربه منه فِي المنزلة حتى سمع مناجاة الله.
{وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا} [مريم: 53] من نعمتنا، {أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} [مريم: 53] قال ابن عباس: يريد حين سألني، فقال: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي} [طه: 29] .
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا {54} وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا {55} } [مريم: 54-55] {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} [مريم: 54] قال مجاهد: لم يعد شيئا إلا وَفَّىَ بِهِ.
وقال مقاتل: