معونة من ربي، حيث ألهمني وقواني، {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي} [الكهف: 98] يعني: القيامة، وقال الكلبي: أجل ربي أن يخرجوا منه.
جعله دكا أي: دكه دكا، ومن قرأه دكاء كان التقدير: جعله مثل دكاء، وهي الناقة التي لا سنام لها، وتقدم الكلام فِي هذا فِي { [الأعراف،] وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} [سورة الكهف: 98] يعني بالثواب والعقاب فِي القيامة، وقال الكلبي: وكان أجل ربي بخروجهم حقا كائنا.
{وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا {99} وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا {100} الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا {101} أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلا {102} } [الكهف: 99-102] {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: 99] يقول: تركنا يأجوج ومأجوج يوم انقضاء أمر السد يموجون فِي الدنيا مختلطين لكثرتهم.
يقال: ماج الناس إذا دخل بعضهم فِي بعض حيارى كموج الماء.
ثم ذكر نفخ الصور، فقال: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [الكهف: 99] لأن خروج يأجوج ومأجوج من علامات قرب الساعة، {فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} [الكهف: 99] حشرنا الخلق كلهم.
{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} [الكهف: 100] أظهرنا لهم جهنم، حتى شاهدوها.
{الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي} [الكهف: 101] الغطاء ما غطى الشيء وستره، وهذا كقوله: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7] وصف الله الكفار بأنهم عمي عن آيات الله تعالى، وأدلة توحيده، لما سبق لهم من الشقاوة.
وقوله: {عَنْ ذِكْرِي} [الكهف: 101] قال ابن عباس: عما جاء به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من البينات والهدى.
{وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} [الكهف: 101] لعداوتهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كانوا لا يقدرون أن يسمعوا ما يتلوه عليهم، كما تقول للكاره لقولك: ما تقدر أن تسمع كلامي.
قوله: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ} [الكهف: 102] يقول: أفظنوا أنهم يتخذونهم أربابا من دوني؟ وعني بالعباد المسيح والملائكة، وقال ابن عباس: يعني الشياطين، تولوهم، وأطاعوهم من دون الله تعالى.
وقال مقاتل: يعني الأصنام، سماها عبادا، كما قال: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأعراف: 194] .
وجواب هذا الاستفهام محذوف، قال ابن عباس: يريد أني لا أغضب لنفسي.
والمعنى: أفحسبوا أن تتخذوهم أولياء فلا أغضب لنفسي ولا أعاقبهم؟ ويدل على هذا المحذوف قوله: {إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلا} [الكهف: 102] قال الزجاج: يعني منزلا.
وهو معنى قول ابن عباس: يرد هي مثواهم ومصيرهم.
وقال غيره: النزل ما يهيأ للضيف إذا نزل.
والمعنى أن جهنم معدة لهم عندنا، كما يهيأ النزل للضيف.