بالسميع العليم.
فقال لي: قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فلقد قرأت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: أعوذ بالسميع العليم.
فقال لي: " يا ابن أم عبد، قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، هكذا أقرأنيه جبريل، عن القلم، عن اللوح المحفوظ ".
قوله: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا} [النحل: 99] يعني به سلطان الإغواء، وهو معنى قول المفسرين: ليس له حجة.
أي: لا حجة له على المؤمنين في إغوائهم ودعائهم إلى الضلالة، {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} [النحل: 100] قال ابن عباس: يطيعونه.
يقال: توليته، أي أطعته وواليته.
ومنه قوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 56] .
قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [النحل: 100] قال مجاهد: يعدلونه برب العالمين.
قوله: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} [النحل: 101] قال الكلبي، وغيره: كان إذا نزلت آية فيها شدة، ثم نزلت آية ألين منها، قال كفار قريش: إن محمدا يسخر بأصحابه، يأمرهم اليوم بأمر، وغدا بأمور، وإنه ليتكذبه ويأتيهم به من عند نفسه، فأنزل الله {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} [النحل: 101] .
قال مجاهد: نسخناها وأنزلنا غيرها.
{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل: 101] من ناسخ ومنسوخ، وتغليظ وتخفيف، هو أعلم بجميع ذلك في مصالح العباد، فما بالهم ينسبون محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الافتراء لأجل التبديل والنسخ، {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [النحل: 101] حقيقة القرآن وفائدة النسخ.
قل نزله يعني نزل بالقرآن، روح القدس جبريل، من ربك من كلام ربك، بالحق بالأمر الحق الصحيح الثابت، {لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا} [النحل: 102] بما فيه من الحجج والآيات، فيزدادوا تصديقا ويقينا، وقوله: وهدى أي: وهو هدى، فهو خبر ابتداء محذوف.
قوله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ {103} إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {104} إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ {105} } [النحل: 103-105] {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: 103] قال مجاهد، وقتادة: قالت قريش: إنما يعلم محمدا عبد لبني الحضرمي، رومي، يقال له يعيش، صاحب كتاب.
وقال عبيد الله بن مسلم: كان لنا غلامان نصرانيان من أهل عين التمر، اسم أحدهما يسار،