أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ {10} وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ {11} كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ {12} لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ {13} وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ {14} لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ {15} } [الحجر: 6-15] {وَقَالُوا يَأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} [الحجر: 6] أي القرآن، قال عطاء، عن ابن عباس: هذا استهزاء منهم، لو أيقنوا أنه أنزل عليه الذكر ما قالوا: إنك لمجنون.

{لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ} [الحجر: 7] قال الفراء: لولا ولوما لغتان، معناهما هلا.

قال ابن عباس: أفلا جئتنا بالملائكة حتى نصدقك؟ قال الله تعالى جوابا لهم: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلا بِالْحَقِّ} [الحجر: 8] أي: إذا نزل الملائكة وجب العذاب من غير تأخير ولا إنظار.

قال ابن عباس: إذا نزلت الملائكة، لم ينظروا، ولم يمهلوا.

وهو قوله: {وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ} [الحجر: 8] .

قوله: إنا نحن هذا من كلام الملوك، الواحد منهم إذا فعل شيئا قال: نحن فعلنا.

يريد نفسه وأتباعه، ثم صار هذا عادة الملك في خطابه، وإن انفرد بفعل الشيء قال: نحن فعلنا.

فخوطبت العرب بما يعقل من كلامها، وقوله: {نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [الحجر: 9] يعني القرآن، {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] قال قتادة: لا يستطيع إبليس أن يزيد فيه باطلا ولا ينقص منه حقا، حفظه الله من ذلك.

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ} [الحجر: 10] أي رسلا، فحذفت المفعول الدلالة الإرسال عليه، {فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ} [الحجر: 10] قال الحسن، والكلبي: في فرق الأولين.

وقال عطاء، عن ابن عباس: في الأمم الأولين.

قال الفراء: الشيعة الأمة لمتابعة بعضهم بعضها فيما يجتمعون عليه من أمر.

{وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الحجر: 11] يعني كما استهزأ به قومك، وهذا تعزية للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودلالة أن كل واحد من الرسل كان مبتلى بقومه.

{كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ} [الحجر: 12] قال الزجاج: كما فعل بالمجرمين الذين استهزءوا، نسلك الضلال في قلوب المجرمين.

والسلك: إدخال الشيء في الشيء.

قال ابن عباس، والحسن: نسلك الشرك في قلوب المكذبين.

ثم أخبر عن هؤلاء المشركين أنهم لا يؤمنون، فقال: {لا يُؤْمِنُونَ بِهِ} [الحجر: 13] بالرسول وبالقرآن، {وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} [الحجر: 13] مضت سنة الله بإهلاك من كذب الرسول في القرون الماضية، وهذا تهديد لكفار مكة، ثم أخبر أنهم إذا وردت عليهم الآية بالمعجزة قالوا سحر، فقال: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ} [الحجر: 14] يقال: ظل كذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015