اسم أقيم مقام المصدر، ولذلك لم يجمع، لا تحصوها أي: لا تأتوا على جميعها بالعدد لكثرتها، قال الكلبي: لا تحفظوها.
وقال أبو العالية: لا تطيقون عدها.
إن الإنسان قال ابن عباس: يريد أبا جهل.
لظلوم لنفسه، كفار بنعمة ربه، قال الزجاج: الإنسان اسم الجنس، يقصد به الكافر خاصة.
كما قال: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 2] ومعنى ظلوم: شاكر غير من أنعم عليه، كفار جحود لنعم الله.
قوله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ {35} رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {36} رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ {37} رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ {38} الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ {39} رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ {40} رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ {41} وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ {42} } [إبراهيم: 35-42] {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا} [إبراهيم: 35] سبق تفسيره في { [البقرة، وقوله:] وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ} [سورة إبراهيم: 35] يقال: جنبته كذا، وأجنبته وجنبته، أي: باعدته عنه، وجعلته ناحية منه، والمعنى: ثبتني على اجتناب عبادتها، لأنه غير عابد لها، وهذه الدعوة مخصوصة بأبنائه من صلبه، فقد كان من نسله من عبد الصنم، وكان إبراهيم التيمي يقص ويقول: من يأمن البلاء بعد إبراهيم خليل الرحمن؟ يقرأ هذه الآية {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} [إبراهيم: 36] أي: ضلوا بسببها، لأن الأصنام لا تفعل شيئا، ولكن لما ضلوا بسببها صارت كأنها أضلتهم، فمن تبعني على ديني بالتوحيد، فإنه مني أي من المتدينين بديني، {وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 36] قال السدي: معناه من عصاني ثم تاب فإنك غفور رحيم.
وقال مقاتل: ومن عصاني فيما دون الشرك فإنك غفور رحيم، قال ابن الأنباري: ويحتمل أن هذا كان قبل أن يعلمه الله أنه لا يغفر الشرك كما استغفر لأبيه.
قوله: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم: 37] قال ابن الأنباري: من دخلت للتوكيد، والمعنى: أسكنت ذريتي.
وعند الفراء: دخلت من التبعيض.
أي: أسكنت بعض ذريتي، وذلك أنه أنزل إسماعيل وأمه بمكة، وإسماعيل بعض ذرية إبراهيم، يدل على هذا قول ابن عباس في هذه الآية يريد إسماعيل، {بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} [إبراهيم: 37] قال: يريد واد من مكة، ومكة كلها واد.