أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ {78} قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ {79} قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ {80} قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ {81} فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ {82} مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ {83} } [هود: 77-83] {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا} [هود: 77] يعني الملائكة، {لُوطًا} [هود: 77] في قريته {سِيءَ بِهِمْ} [هود: 77] حزن بمجيئهم لأنهم أتوه في صورة غلمان جرد، فلما نظر إلى حسن وجوههم وطيب روائحهم، أشفق عليهم من قومه أن يقصدوهم بالفاحشة، وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عنهم {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} [هود: 77] ضاق صدره وعظم المكروه عليه، قال الزجاج: يقال: ضاق زيد بأمره ذرعا.
إذا لم يجد من المكروه فيه مخلصا.
{وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} [هود: 77] شديد، قال أبو عبيدة: إنما قيل له عصيب لأنه يعصب الناس بالشر أي يشدهم.
قوله: {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ} [هود: 78] قال المفسرون: لما أضافهم لوط مضت امرأته عجوز السوء، فقالت لقومه: لقد استضاف لوطا قوم لم أر أحسن وجوها منهم.
فجاءه قومه يهرعون إليه.
قال الكسائي، وأبو زيد: أهرع الرجل إهراعا.
إذا أسرع.
قال عامة المفسرين: يهرعون: يسرعون وَمِنْ قَبْلُ أي: ومن قبل مجيئهم إلى لوط {كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 78] يعني: فعلهم المنكر قَالَ لوط {هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود: 78] يعني: أنا أزوجكموهن، فهن أطهر لكم من نكاح الرجال، أراد أن يقي أضيافه ببناته فعرضهن عليهم، وقال سعيد بن جبير: دعاهم إلى نسائهم.
يعني أن قوله: {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود: 78] أي: نساؤكم أطهر لكم فجعلهن بناته لأنه نبيهم، وكل نبي أبو أمته، وقوله: فَاتَّقُوا الله أي: اتقوا عقابه {وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي} [هود: 78] لا تسوءوني فيهم، ولا تفعلوا بهم فعلا يلزمني الاستحياء منهم، والضيف يراد به الجمع، قال ابن عباس: لا تفضحوني في أضيافي.
يريد: أنهم إذا هجموا على أضيافه بالمكروه لحقته الفضيحة {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} [هود: 78] يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟ وهذا معنى قول ابن عباس: رجل رشيد يقول الحق ويرد هؤلاء عن أضيافي.
ورشيد ههنا بمعنى مرشد.
{قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ} [هود: 79] لسن لنا بأزواج فنستحقهن {وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} [هود: 79] قال عطاء: إنك لتعلم أنا نريد الرجال لا النساء يعنون عملهم الخبيث.
{قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} [هود: 80] جماعة أقوى بها عليكم {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80] أو أنضم إلى عشيرة تنصرني، وشيعة تمنعني، وجواب لو