وقال هشيم: سألت أبا بشر عن هذه الآية، فقال: معناه أنه ليس من أهل دينه.
وكان نوح يظن أنه من أهل دينه، وروي أنه كان يظهر الإيمان ويستر الكفر، وقوله {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46] إن سؤالك إياي أن أنجي كافرا عمل غير صالح، وروي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قرأ: عَمِلَ غيرَ صالح واختاره الكسائي.
452 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، نا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ، نا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ هَارُونَ الْقَارِي، نا ثَابِتٌ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ كَيْفَ تَقْرَؤُهَا؟ فَقَالَ: «إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ» وَالْمَعْنَى: أَنَّ ابْنَكَ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ يَعْنِي الشِّرْكَ
{فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [هود: 46] بجواب مسألتك من إنجاء الكافر من العذاب إِنِّي أَعِظُكَ أنهاك {أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 46] قال ابن عباس: يريد الآثمين، لأن ذنب المؤمن جهل ليس بكفر.
ثم اعتذر نوح أجمل الاعتذار فقال: {رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} [هود: 47] قال ابن عباس: يريد: إنك أنت علام الغيوب وأنا لا أعلم ما غاب عني.
{وَإِلا تَغْفِرْ لِي} [هود: 47] جهلي {وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: 47] .
قوله: {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ} [هود: 48] قال ابن عباس: يريد من السفينة إلى الأرض بِسَلامٍ مِنَّا أي: سلامة وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ قال المفسرون: معنى البركات على نوح أنه صار أبا البشر والأنبياء لأن جميع من بقى كانوا من نسله.
قال ابن عباس: يريد أنك آدم الأصغر.
قوله: {وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ} [هود: 48] قال ابن عباس: يريد من ولدك.
قال ابن الأنباري: من ذراري من معك.
ولم يكن الذين كانوا مع نوح أمما، وأراد المؤمنين وأهل السعادة من ذريته.
ثم ذكر الكفار من ذريته فقال وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ يعني في الدنيا {ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [هود: 48] يعني في الآخرة، قال محمد بن كعب القرظي: لم يبق مؤمن ولا مؤمنة في أصلاب الرجال وأرحام النساء يومئذ إلى أن تقومك الساعة إلا دخل في ذلك السلام والبركات، ولم يبق كافر إلا دخل في ذلك المتاع والعذاب الأليم.