قوله: {قُلْ يَأَيُّهَا النَّاسُ} [يونس: 104] يريد: أهل مكة {إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي} [يونس: 104] أي: من توحيد الله الذي جئت به، والحنيفية التي بعثت بها فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله بشككم في ديني، {وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ} [يونس: 104] أي: يقدر على إماتتكم، وهذا يتضمن تهديدا لهم لأن وفاة المشركين ميعاد عذابهم، قوله: {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} [يونس: 105] أي: استقم بإقبالك على ما أمرت به بوجهك، {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ} [يونس: 106] إن دعوته، وَلا يَضُرُّكَ إن تركت عبادته، {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ} [يونس: 107] قال ابن عباس: يريد بمرض وفقر.
{فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ} [يونس: 107] لا مزيل لما أصابك من ضر إلا هو {وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ} [يونس: 107] أي: وإن يرد بك خيرا {فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يونس: 107] لا مانع لما تفضل به عليك من رخاء ونعمة يُصِيبُ بِهِ بكل واحد مما ذكر {مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس: 107] .
{قُلْ يَأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ {108} وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ {109} } [يونس: 108-109] {قُلْ يَأَيُّهَا النَّاسُ} [يونس: 108] يعني: أهل مكة {قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ} [يونس: 108] يعني: القرآن {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ} [يونس: 108] قال ابن عباس: من صدق محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنما يحتاط لنفسه.
{وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} [يونس: 108] أي: إنما يكون وبال ضلاله على نفسه، {وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} [يونس: 108] في منعكم من اعتقاد الباطل، والمعنى: بحفظكم من الهلاك، كما يحفظ الوكيل المناع من الهلاك، قال ابن عباس: نسختها آية القتال والتي بعدها.
وهي قوله: {وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [يونس: 109] لأن الله تعالى حكم بقتل المشركين والجزية على أهل الكتاب.