وتفتت قلوبهم بالموت، وقرأ حمزة: تقطع بفتح التاء بمعنى تتقطع، وهذا يدل على أنهم يموتون على النفاق، فإذا ماتوا عرفوا بالموت ما كانوا تركوه من الإيمان وأخذوا به من الكفر.

{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْءَانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {111} التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ {112} } [التوبة: 111-112] قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [التوبة: 111] الآية: قال القرظي: لما بايعت الأنصار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة العقبة بمكة، وهم سبعون نفسا، قال عبد الله بن رواحة: اشترط لربك ولنفسك ما شئت.

قال: " أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، ولنفسي أن تمنعوني ما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم.

قالوا: فإذا فعلنا ذلك فما لنا؟ قال: الجنة.

قالوا: ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل.

فنزلت هذه الآية، ومعنى هذا: أن المؤمن إذا قاتل في سبيل الله حتى يقتل فتذهب روحه، أو أنفق ماله في سبيل الله، أخذ من الله في الآخرة الجنة جزاء لما فعل، فجعل هذا اشتراء، هذا معنى قوله: {اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111] قال ابن عباس: يريد: بالجنة.

قال الحسن: اسعوا إلى بيعة ربيحة بايع الله بها كل مؤمن.

وقال قتادة: ثامنهم فأغلى ثمنهم.

وقوله: فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ قال ابن عباس: يقتلون أعدائي ويقتلون في طاعتي.

وقرأ حمزة: فَيُقْتُلُونَ وَيَقْتَلُونَ وهذا كالذي تقدم لأن المعطوف بالواو يجوز أن يراد به التقديم، وقوله: {وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْءَانِ} [التوبة: 111] يعني: أن الله وعدهم هذا الوعد، وبين ذلك في هذه الكتب التي أنزلها، ثم قال: {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} [التوبة: 111] أي: لا أحد أوفى بما وعد من الله، {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ} [التوبة: 111] فافرحوا بهذا البيع أيها المؤمنون وهو أنكم إذا بذلتم أنفسكم وأموالكم في الجهاد أخذتم من الله الجنة {وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111] .

قوله: التَّائِبُونَ قال الفراء: استؤنفت بالرفع لتمام الآية قبلها وانقطاع الكلام فحسن الاستئناف.

وقال الزجاج: الذي عندي أن قوله: التائبون رفع بالابتداء وخبره مضمر، المعنى: التائبون إلى آخر الآية لهم الجنة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015