] وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ {86} رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ {87} لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {88} أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {89} } [سورة التوبة: 86-89] قوله: {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ} [التوبة: 86] أي: بأن آمنوا، ومعناه بالإيمان بالله والجهاد مع رسوله، اسْتَأْذَنَكَ في التخلف عنك، {أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ} [التوبة: 86] يعني أهل الغنى والسعة في المال، يعني: الذين لا عذر لهم في التخلف، {وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ {86} رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ} [التوبة: 86-87] قال المفسرون: يعني النساء اللاتي يخلفن في البيوت فلا يبرحن.
{وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [التوبة: 87] قال ابن عباس: بالنفاق كقوله: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [النساء: 155] ، {فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} [التوبة: 87] لا يعلمون أمر الله، ثم أثنى على الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين الذين جاهدوا معه بقوله: {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [التوبة: 88] ، إلى قوله: {لَهُمُ الْخَيْرَاتُ} [التوبة: 88] قال الأخفش، وأبو عبيدة، والمبرد: الخيرات جمع خيرة، وهن الجواري الفاضلات الحسان.
وذكر في الآية الثانية ما وعدهم، فقال: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ} [التوبة: 89] الآية.
{وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة: 90] وقوله: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ} [التوبة: 90] قال الفراء، والزجاج، وابن الأنباري: أراد: المعتذرون، فأدغمت التاء في الذال.
قال محمد بن إسحاق: هم أعراب من بني غفار اعتذروا فلم يعذرهم الله.
وقال أبو عمرو بن العلاء: كلا الفريقين كان مسيئا: جاء قوم فعذروا، وجنح آخرون فقعدوا.
يرد أن قوما تكلفوا عذرا بالباطل، فهم الذين عناهم الله بقوله: وجاء المعذرون، وتخلف آخرون من غير تكلف عذر وإظهار علة، جرأة على الله ورسوله، وهو قوله: {وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [التوبة: 90] يعني: لم يصدقوا في إيمانهم، وهم المنافقون ثم أوعدهم بقوله: {سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [التوبة: 90] الآية.
{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {91} وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ