المنورة بهذا الموقف العقلاني الحكيم، وسارعوا إلى تأييد النبي صلّى الله عليه وسلّم ونشر دعوته والدفاع عنه ضد كل من يريده بسوء، أو يعرقل مسيرته في تبليغ الوحي الإلهي، وإسماع نداء القرآن العظيم، قال الله تعالى مبينا خصائص النبي صلّى الله عليه وسلّم المتعلقة بأمته، والتي هي مدعاة للإيمان برسالته:
لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)
«1» «2» [التوبة: 9/ 128- 129] .
هذه الآية خطاب صريح للعرب، على جهة تعداد النعم عليهم في ذلك، حيث جاءهم النبي العربي محمد صلّى الله عليه وسلّم بلغتهم ومن جنسهم وبما يألفون من أغراض البيان، وفصاحة الكلمة والجمل، وبما يشرفون به على مدى الأيام والأزمان، ووصفه الله بصفات خمس ذات جذور عربية قوية:
أول هذه الصفات: مِنْ أَنْفُسِكُمْ أي من الجنس العربي، والمقصود منه ترغيب العرب في نصرته، من غير إشادة بنزعة عرقية أو عصبية، قال ابن عباس: إنه ليس من العرب قبيلة إلا وقد ولدت النبي صلّى الله عليه وسلّم مضريّها وربيعيها ويمانيها، أي إن نسبه تشعب في جميع قبائل العرب.
والصفة الثانية: عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ أي شديد عسير عليه وقوعكم في العنت، أي المشقة، والتعرض للمكروه في الدنيا والآخرة، إذ هو منكم، يتألم لألمكم، ويفرح لفرحكم، فكل ما يقع منكم من كفر وضلال بسبب الحق، أو من قتل وإسار وامتحان بسبب الحق، يسوؤه ذلك.