(?) (?) [التوبة: 9/ 111- 112] .
نزلت هذه الآية في البيعة الثالثة، وهي بيعة العقبة الكبرى، لما بايع النبي صلّى الله عليه وسلم الأنصار وكان عددهم يزيد عن السبعين، وكان أصغرهم سنا عقبة بن عمرو، وذلك
أنهم اجتمعوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند العقبة، فقالوا: اشترط لك ولربك، وكان القائل عبد الله بن رواحة، فاشترط رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حمايته مما يحمون منه أنفسهم، واشترط لربه التزام الشريعة، وقتال الأحمر والأسود في الدفاع عن الحوزة، فقالوا:
ما لنا على ذلك؟ قال: الجنة، فقالوا: نعم، ربح البيع، لا نقيل ولا نقال، فنزلت الآية: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ....
جعل الله تعالى أول عمل يبوئ صاحبه الجنة، هو الجهاد في سبيل الله، ببذل المؤمنين أنفسهم وأموالهم من أجل إعلاء كلمة الله، وثمن هذا البذل هو الجنة، يقاتلون في سبيل الله، فيقتلون الأعداء، أو يستشهدون في سبيل الله، وفي كلتا الحالتين يكون لهم الجنة، وأكد الله تعالى وعده لهم بها، وجعل لهم ما هو خير من هبة أنفسهم وأموالهم، وصيره وعدا واجب الوفاء على نفسه، وحقا ثابتا لأصحابه، مقررا لهم به في التوراة المنزلة على موسى، والإنجيل المنزل على عيسى، والقرآن المنزل على محمد عليهم الصلاة والسلام.
ولا أحد أوفى بعهده وأصدق في إنجاز وعده من الله، فإن الله لا يخلف الميعاد، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً [النساء: 4/ 87] وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا [النساء: 4/ 122] .
ومن وعد بمثل هذا الوعد المؤكد، فليظهر السرور والفرح على ما فاز به من الجنة، وليستبشر بمدى الربح العظيم في هذه الصفقة أو المبايعة، ثوابا من الله وفضلا