باتخاذ الأسرى حتى يكثر القتل في الكفار ويبالغ فيه، لإظهار عزة الإسلام والمسلمين، وإرهاب الدولة أعداءها، واشتداد أمرها، فلا يتجرأ عليها أحد، ولا يتجسس عليها أحد من الأسرى العائدين لديارهم بفداء مالي. فالذين يرون قبول الفداء المالي إنما يريدون الحصول على عرض الدنيا، أي منافعها وأمتعتها، والله يريد لكم ثواب الآخرة الدائم، وما يؤدي إلى الجنة من أحكام زاجرة لإعزاز الدين وإرهاب الأعداء، وإعلاء كلمة الحق والعدل، وإقامة النظام الأصلح للبشرية، والله قوي يغلّب أولياءه على أعدائه، ويمكنهم منهم قتلا وأسرا، حكيم في أفعاله وأوامره، يشرع لكل حال ما يليق به ويخصه به.

لولا حكم من الله سبق إثباته في اللوح- وهو ألا يعاقب المخطئ في اجتهاده- لنالكم أيها المؤمنون فيما أخذتم من الفداء يوم بدر عذاب عظيم وقعة، وفي هذا تهويل خطر ما فعلوا.

وبعد هذا العتاب الإلهي على أخذ الفداء، أباح الله تعالى للمسلمين الانتفاع بالغنائم الحربية وهي الفدية المالية وغيرها، حال كون الشيء المغنوم حلالا طيبا بنفسه، لا حرمة فيه لذاته. واتقوا الله في مخالفة أوامره، ولا تعودوا لشيء من المخالفة، إن الله غفور للذنوب ومنها أخذ الفداء، رحيم بكم بإباحته لكم ما أخذتم، وقبوله التوبة عن عباده.

ثم أمر الله نبيه أن يخاطب الأسرى بقوله استمالة لهم وترغيبا لهم في الإسلام: إن يعلم الله في قلوبكم الآن أو في المستقبل خيرا، أي إيمانا وإخلاصا وتوبة عن الكفر وجميع المعاصي، يؤتكم خيرا مما أخذ منكم من الفداء، ويغفر لكم ما كان منكم من الشرك والسيئات، والله غفور لمن تاب من معاصيه، رحيم بالمؤمنين، فهو يمدهم بعونه وتوفيقه، وفي هذا حضّ على إعلان الإسلام وقبول دعوته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015