المال الضروري لكل إعداد ومعركة، أمنت البلاد وأهلها، ولم يقعوا في ظلم الجوار وتسلط الأعداء، وكان للمنفقين في سبيل الله والجهاد الدرجة العليا في الآخرة، قال الله تعالى: وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ [البقرة: 2/ 272] .
والقاعدة الثالثة: إيثار السلم، فبعد توافر الإعداد الحربي والاستعداد التام للجهاد إن مال العدو إلى طلب الصلح أو المعاهدة، ورغب في السلم وآثره على الحرب والقتال، فالحكم قبول الصلح حسبما يرى الإمام الحاكم من المصلحة للإسلام والمسلمين، وإذا لم يغتصب العدو بلادنا وديارنا، فإنه في حال الغضب وتوافر القوة لا يجوز إقرار الغاضب على ظلمه، وإبقاء الديار في حوزته وتحت سلطانه، وإذا تم الاتفاق على الصلح، وجب التوكل على الله والثقة به، وتفويض الأمر إليه، دون خوف من مكر العدو وخديعته، فإن الله يحمي المؤمنين من مكيدة العدو أو مكره وغدره في جنوحه إلى السلم، والله سميع لما يقولون، عليم بما يفعلون. وقوله تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ أمر في ضمنه وعيد.
والقاعدة الرابعة: الاعتماد على الله في كل حال: فإن أراد العدو بالصلح خديعة ليتقووا ويستعدوا، وأظهروا السلم وأبطنوا الغدر والخيانة، فلا تأبه أيها النبي بنياتهم الفاسدة، واجنح إلى السلم، فإن الله كافيك ومؤيدك بالنصر والغلبة، كما يؤيدك المؤمنون المخلصون وهم الأنصار. وهذا وعد محض من الله بالتأييد، وحسن ظن بمؤازرة المؤمنين، فعلى المؤمنين أن يكونوا دائما أقوياء العزم والعزيمة، ثابتي الجنان، فإن الله معهم بالنصر والمعونة إن نصروا دينه وشرعه، ولا شك أن هذا يقوي الروح المعنوية في الصف الإسلامي والجيش المؤمن، الذي نذر نفسه للجهاد في سبيل الله والحق والعدل وإعلاء كلمة الله، وأرخص النفس والمال النفيس من أجل إعلاء بناء المجد والحفاظ على صرح الإيمان وكيان المؤمنين.