ويتمكن الناس من النظر الطليق والفكر الحر غير المقيد بما يحقق لهم سعادة الدنيا والآخرة، وهذا تحديد دقيق للغرض من القتال: وهو التمكين من حرية التدين، وإزالة حواجز الفكر، وقيود الظلم والاضطهاد، فلا يكره أحد على ترك عقيدته، وإنما يكون قبوله الإسلام عن طواعية وحرية واختيار، عملا بالتوجيه القرآني: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ [البقرة: 2/ 256] .
فإن انتهوا عن الكفر وعن قتال المؤمنين والدعاة إلى الله، فكفّوا عنهم وإن لم تعلموا بواطنهم، فإن الله بما يعملون بصير، أي فإن الله عليم بأعمالهم، يجازيهم عليها بحسب علمه.
وإن تولوا وأعرضوا عن سماع دعوتكم، ولم ينتهوا عن كفرهم، فلا تعتنوا بأمرهم، واعلموا أن الله متولي أموركم وناصركم أيها المؤمنون، فلا تبالوا بهم، ومن كان الله مولاه وناصره، فلا يخشى شيئا، إنه نعم المولى ونعم النصير، فلا يضيع من تولاه، ولا يغلب من نصره الله، ولكن نصر الله مرهون بأمرين: الأول- الإعداد المادي والمعنوي للجهاد كما قال تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:
8/ 60] . والثاني- نصرة دين الله وتطبيق شرعه وتنفيذ أحكامه، كما قال الله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (7) [محمد: 47/ 7] .
كانت الجيوش في الماضي غير نظامية، تعتمد على التطوع بالجهاد بالنفس والمال والسلاح، فكان المجاهد هو الذي يعدّ فرسه وسلاحه وينفق على نفسه أثناء الجهاد مع الأعداء، وكان هذا الوضع مستمرا في العصور الإسلامية حيث كان القتال بما يسمى اليوم بالسلاح الأبيض. فكان من العدل وضرورة التعويض والمكافأة أن يأخذ