إحداهما: كنا غافلين عن الأدلة والبراهين الصحيحة المثبتة لتوحيد الإله. والأخرى:
كنا تبعا لأسلافنا، فكيف نهلك؟ والذنب إنما هو ذنب من بدأ طريق الانحراف وأضلنا، فوقعت شهادة بعضهم على بعض أو شهادة الملائكة عليهم بالإقرار السابق بتوحيد الله، لتنقطع لهم هذه الحجج، ويزول اعتذارهم بمثل هذه الأعذار الواهية.
تتكرر أمثال القرآن الكريم للعبرة والعظة، والتأمل والزجر، وتذكر الأمثال إما بحال الأمم والجماعات، وإما بحال بعض الأفراد، وفي قمة هؤلاء رجل من بني إسرائيل اسمه بلعام بن باعوراء أو عابر دعا على موسى مقابل هدية من اليهود، فصار مثلا شهيرا في التاريخ بسبب ضلاله وتكذيبه، حكى القرآن الكريم قصته في قوله تعالى:
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ (177)
«1» «2» «3» «4» «5» [الأعراف: 7/ 175- 177] .
أراد الله في قرآنه تربية الأجيال والأشخاص تربية إيمانية صلبة، لا تتأثر بإغراءات الحياة والمادة والمال، وإنما تظل وفية للمبدأ، مخلصة للعقيدة، دون أن