إنهم فسقوا عن أمر الله ونقضوا ميثاقه، فعاقبهم الله على سوء أعمالهم، وسلط عليهم من الظالمين من يسومهم سوء العذاب، هؤلاء هم الأسلاف، وخلف من بعدهم أخلاف يشترون بآيات الله ثمنا قليلا، يحرفون الكلم عن مواضعه، ونسوا حظا مما ذكّروا به، ويتساهلون في أمر الدين، ويخرجون عن الصراط المستقيم، وكل هذه الأمثلة والقصص للعظة والعبرة، ليتأمل بها كل جيل وكل جماعة وكل فرد، فمن امتثل أمر الله نجا وفاز، وسعد واطمأن. ومن تنكر لأمر الله خسر وهلك، وعاش قلقا حيران، مضطرب النفس، يعيش في صراع مع الأحداث، ولا يهنأ له قلب، ولا يرتاح له فكر أو عقل.
يخطئ كثير من الناس أنهم يظنون بذكائهم التحايل على أحكام الدين أو أن الله تعالى لا يعلم بمكرهم وحيلهم ودخائل نفوسهم، وهذا لون من الغباء أو الحماقة، لأن أحكام الشرع قويمة واضحة لا التواء فيها. والله تعالى السر وأخفى، وهو سبحانه أدرى بكل صغيرة وكبيرة، فينبغي إدراك هذا إدراكا واضحا صريحا، والعمل على التزام جانب الصراحة، قال الله تعالى:
وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (166)
«1» »
«3» «4» «5» «6»