والحكمة الثانية في تحويل القبلة: هي إتمام النعمة على العرب المسلمين، فإن محمدا صلّى الله عليه وسلم عربي من ولد إبراهيم، والقرآن المنزل عليه عربي، وإذا آمن العرب أحبّوا أن تكون وجهتهم الكعبة، وأن يحيوا سنّة إبراهيم الخليل في تعظيم الكعبة، لأنه معبدهم وموطن عزّهم وفخارهم.
والحكمة الثالثة: إعداد المسلمين بتحويل القبلة للاهتداء إلى الطريق الأقوم، والثبات على الحق، وقبول ما يريده الله.
قال الله تعالى مبيّنا هذه الحكم الثلاث:
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150)
[البقرة: 2/ 150] .
ثم ذكّر الله تعالى المؤمنين بأن إتمام نعمته عليهم بتحويل القبلة، كإتمام نعمته بإرسال رسول من العرب يتلو عليهم القرآن بلسان عربي مبين، فقال سبحانه:
كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (152)
«1» [البقرة:
2/ 151- 152] .
يتعرّض دائما أهل الحق والفضيلة والدين لإيذاء غيرهم واعتداء أعدائهم عليهم بقصد تغليب الشّر على الخير، ونصرة الفساد على الصلاح، والضّلال على الهدى،