اللباس للإنسان مظهر تحضر وتمدن وعنوان احترام للآخرين، أما العري وإظهار الأعضاء فهو مظهر من مظاهر البدائية والتخلف، يتفق مع حالة الإنسان البدائي وطريقة عيشه في الصحاري والوديان، لذا امتن الله تعالى بإنعامه على البشرية، إذ أوجد لهم أنواع الألبسة لستر العورات والعيوب، ومختلف الرياش والأصواف للتنعم والراحة، وحذر القرآن من فتنة الشيطان ووساوسه التي هي سبب من أسباب نزع اللباس وإزالة النعمة، فقال الله تعالى:
يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» [الأعراف: 7/ 26- 27] .
ابتدئت الآيات بقوله تعالى يا بَنِي آدَمَ وهو خطاب لجميع الأمم وقت النبي عليه الصلاة والسلام، والمراد بهذا الخطاب: قريش ومن كان من العرب يتعرى في طوافه بالبيت، وهذه الآية امتنان من الله تعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس الساتر للعورات، والريش: وهو ما يتجمل به من الثياب أو المعيشة. إن نعمة اللباس والثياب والاستمتاع بالزينة والجمال، واتقاء الحر والبرد من أجلّ النعم على البشرية، وإنزال اللباس: معناه الخلق والإيجاد للخليقة، وهذا من فضل الله على عباده إذ حماهم بإيجاد الألبسة والأمتعة من السوء والتعرض للمتاعب والمخاطر، وهذا من ضرورات المعيشة والرخاء في الدنيا.