ياسر بن أخطب) ونصارى أهل نجران، خاصموا المسلمين في الدين، كل فرقة تزعم أنها أحق بدين الله تعالى من غيرها. فقالت اليهود: نبيّنا موسى أفضل الأنبياء، وكتابنا التوراة أفضل الكتب، وديننا أفضل الأديان. وقالت النصارى: نبيّنا عيسى أفضل الأنبياء، وكتابنا الإنجيل أفضل الكتب، وديننا أفضل الأديان، وقال كل واحد من الفريقين للمؤمنين: كونوا على ديننا، فلا دين إلا ذلك، ودعوهم إلى دينهم، فأنزل الله تعالى:
وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135)
«1» [البقرة: 2/ 135] .
ثم أمر الله المؤمنين باتّباع جميع الأنبياء دون تفريق بين أحد منهم فقال:
قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)
«2»
أمر الله عزّ وجلّ المسلمين بأمرين أساسيّين جوهريّين وهما: أن يقولوا: إنما نؤمن بالله وكتبه ورسله، لا نفرّق بين أحد من رسله وكتبه، وأن يقولوا: صبغنا الله بصبغة الإيمان والدين الذي فطر الناس عليه، وبتطهير النفوس من أدران الوثنية والشرك، والرياء والأحقاد والضغائن، فالمسلم يعلن التزامه بوحدانية الله دين الفطرة، ويصفي نفسه من كل ما يؤدي إلى زرع الحقد والضغينة في القلوب، فهو