في طغيانهم وتجاوزهم الحق يتردّدون متحيّرين فيما سمعوا ورأوا من الآيات، فلم يصلوا إلى الحقيقة.
لقد اشتدّ المشركون كفّار قريش في عداوتهم للنّبي صلّى الله عليه وسلّم بسبب الحفاظ على مراكز الزعامة والسيادة، والاستكبار، الذي جعلهم في أشد حالات العناد والتّصلب واتّخاذ موقف المعارضة العنيفة التي لا ترتكز على أساس من الحجة، ولا تحترم كلمة العقل والفكر والنّقاش القائم على الحق والعدل، ومن هنا ظهر اليأس من إيمانهم، وعزّ الأمل في إسلامهم، قال الله سبحانه موضّحا هذا الموقف الصعب منهم:
وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» [الأنعام: 6/ 111- 113] .
روي عن ابن عباس في بيان سبب نزول الآيات: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أتى جماعة من كفار مكة وزعمائها، فقالوا له: أرنا الملائكة يشهدون بأنك رسول الله، أو ابعث لنا بعض موتانا حتى نسألهم: أحقّ ما تقول أم باطل، أو ائتنا بالله والملائكة قبيلا، فنزلت الآية.