والمعنى: ولو ترى أيها النّبي هؤلاء المشركين حينما توقفهم الملائكة بين يدي ربّهم، لوجدت هولا عظيما وأمرا خطيرا مدهشا لا يحدّه وصف، وهو مجاز عن الحبس للتوبيخ والسؤال كما يوقف الجاني بين يدي الحاكم ليعاتبه، فيقول الله لهم على لسان الملائكة: أليس هذا الحشر أو المعاد بحقّ، وليس بباطل كما كنتم تظنّون؟

فأجابوا: بلى وربّنا، أي إنه الحق الذي لا شكّ فيه، وأكّدوا قولهم باليمين بالله، فشهدوا على أنفسهم بالكفر، وكون البعث حقّا، فردّ الله عليهم: فذوقوا العذاب الأليم بسبب كفركم وتكذيبكم الذي دمتم عليه، ولم تفارقوه في الدنيا حتى الموت.

ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنفسكم بهذا الإقرار منكم بأن العذاب حقّ.

ثم أخبر الله تعالى خبرا عامّا مفاده: تعظيم المصاب الذي حلّ بهم، وهو: خسارة الذين كذبوا بلقاء الله، أي بإنكار القيامة وبالرجوع إلى الله وإلى أحكامه وقدرته، حتى إذا جاءتهم ساعة القيامة فجأة، قالوا: يا حسرتنا على فرّطنا من العمل للآخرة، وما أسلفنا من العمل القبيح. وهؤلاء الخاسرون يأتون للحساب يوم القيامة، وهم حاملون ذنوبهم وخطاياهم على ظهورهم، ألا ما أسوأ تلك الأثقال المحمولة، وبئس شيئا الحمل الذي حملوه وهو الذنوب، فقوله تعالى: أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ إخبار عن سوء ما يأثمون، مضمّن التعظيم لذلك والإشادة به.

ثم أخبر الله عن حال الدنيا بأنها إذا كانت فانية منقضية لا طائل لها، أشبهت اللعب واللهو الذي لا طائل له إذا انقضى، فغالب أعمال الدنيا لعب لا يفيد، ولهو يشغل عن المصلحة الحقيقة، ومتاعها قليل زائل قصير الأجل، وأما العمل للآخرة فله منافع عظيمة، والآخرة خير وأبقى للذين يتّقون الكفر والمعاصي، ونعيمها نعيم دائم خير من نعيم الدنيا الفاني، أفلا تعقلون وتفهمون هذه الحقائق وهي أن الحياة الدنيا لعب ولهو وزوال ومزرعة للآخرة، فتؤمنوا وتعملوا عملا صالحا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015