اتّباع الحق الأبلج وتصديق الرسول صلّى الله عليه وسلّم والانقياد للقرآن، ويبعدون هم عنه، فيجمعون بين الفعلين القبيحين، لا ينتفعون، ولا يتركون غيرهم ينتفع.
وعاقبة ذلك أنهم ما يضرّون وما يهلكون إلا أنفسهم بهذا الكفر أو الصنيع الذي يدخلهم جهنم، ولا يعود وباله إلا عليهم، وهم لا يشعرون بذلك، بل يظنّون أنهم يضرّون رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وقد أهلك الله أولئك المعادين الجاحدين، إما بالقتل في ساحات الحرب، وإما بالبلاء والانتقام الذي سيتبعه هلاك الآخرة. وهذا من إعجاز القرآن الذي أخبر عن المغيبات في المستقبل، ووقع ما أخبر به، لقد انمحى ذكرهم من التاريخ وصاروا مثلا للتخليط الذي لا حجة فيه، والبلاهة التي لا حدود لها، فخسروا الدنيا والآخرة.
للمشركين حالتان محرجتان ورهيبتان يوم القيامة، الحال الأولى: يوم عرضهم على النار وما يطرأ عليهم من ذعر وندم على ماضيهم في الدنيا، والحال الثانية: يوم حسابهم ووقوفهم بين يدي ربّهم حيث يناقشهم الله على أعمالهم، فتستولي عليهم الحيرة والدهشة وهول الأمر.
قال الله تعالى واصفا الحال الأولى:
وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (28) وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29)
«1» [الأنعام:
6/ 27- 29] .