يتجاوز بعض الناس حدودهم وإمكاناتهم البشرية، فيصفون أنفسهم أو غيرهم بوصف الإله أو الرّبّ، بدافع الغرور والجهل، والمبالغة والخطأ القطعي في التقدير، ويستمر الخطأ بالوراثة في الأجيال المتلاحقة والأبناء والبنات، وقلّ أن تجد إنسانا يعمل فكره ويتأمّل بعقله في حقائق الأشياء، وفي ذات الإله وما يتميز به عن سائر المخلوقات من قدرات هائلة لا حدود ولا نظير لها، وذلك لا يستحقّه إلا الله جلّ جلاله، خالق الخلق، ومبدع الكون، وفالق الحبّ والنّوى. وقد حكى القرآن الكريم وضعا من الأوضاع الشّاذّة في إضفاء صفة الألوهية على بشر، ولد وعاش، ومات كما يولد ويعيش ويموت سائر البشر، وإن كان متّصفا ببعض المزايا، ولكنها لا تؤهّله لأن يصير إلها أو يحتلّ محلّ الإله، فقال الله تعالى:
وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116) ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)
«1» «2» [المائدة: 5/ 116- 120] .
ومعنى الآيات: اذكر يا محمد للناس يوم يكون الحشر، فيسأل الله تعالى عيسى ابن مريم سؤالا مفاده: أأنت قلت للناس، اتّخذوني وأمّي إلهين معبودين من غير