لحي الخزاعي، فهو الذي غيّر دين إبراهيم، وبحر البحيرة وسيّب السائبة وحمى الحامي.
أما البحيرة: فهي الناقة التي كانوا يبحرون أذنها، أي يشقونها شقّا واسعا، إذا ولدت خمسة أبطن إناثا، فإن كان آخرها أنثى حرم على النساء لحمها ولبنها، وإن كان آخرها ذكرا نحروه وأكلوه. والسّائبة: هي النّاقة التي كانت تسيب بنذرها لآلهتهم الأصنام، فتعطى للسّدنة (الخدم) وترعى حيث شاءت، ولا يحمل عليها شيء، ولا يجزّ صوفها، ولا يحلب لبنها إلا لضيف. والوصيلة: هي الشّاة أو النّاقة التي تصل أخاها بأن تلد ذكرا وأنثى، فيقال: وصلت أخاها، فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم كما كانوا يفعلون لو ولدته وحده. والحامي: الفحل الذي يضرب في مال صاحبه، فيولد من ظهره عشرة أبطن، فيقولون: حمى ظهره، فلا يحمل عليه، ولا يمنع من ماء ولا مرعى.
هذه أنظمة تحريم بعض المواشي مما كان يفعله عرب الجاهلية الوثنيون، وهي أنظمة مفتراة مكذوبة، لم يأذن الله بها، زاعمين أن الله أمر بذلك وتراهم متناقضين، فإذا قيل لهم: تعالوا إلى العمل بما أنزل الله من الأحكام المؤيدة بالبراهين، وإلى الرسول المبلّغ لها، والمبيّن لمجملها، أجابوا: يكفينا ما وجدنا عليه آباءنا، فهم لنا أئمة قادة مشرّعون، ونحن لهم تبع، أي إنهم مقلّدون لأسلافهم تقليدا أعمى.
لذا أنكر عليهم القرآن هذا التقليد المجافي للصواب، الذي لا دليل عليه، فهل يقبل منهم مثل هذا التقليد، أيكفيهم مستندا مجرد ذلك للعمل به، ولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا أبدا من الشرائع، ولا يهتدون إلى مصلحة أو خير أصلا في الدين والدنيا، فهم يتخبطون في ظلمات الوثنية وخرافة المعتقدات، ويشرّعون لأنفسهم