يحرص القرآن الكريم على اتّباع منهج الجمع بين الترغيب والترهيب، ليكون الترغيب دافعا إلى البناء والعمل الإيجابي، ويكون الترهيب والتخويف سببا في البعد عن الهدم والانهزام وسلبيات الأمور والأوضاع.
ويفهم الإنسان المؤمن العاقل حين اقتران الترغيب بالترهيب ضرورة الموازنة والتفكير الجدي والعمل الحاسم بتوجيه نفسه وغيره نحو الخير، واجتناب الشّر والمنكر. وسرعان ما تظهر نتيجة الموازنة والمقارنة سواء في الدنيا أو في الآخرة، ففي الدنيا يظفر فاعل الخير بالسعادة وتحقيق السمعة الطيبة، ويسقط الشرير من أعين الناس، ويحذرونه وينأون عنه، وفي الآخرة يحظى المؤمن الصالح بالخلود في جنّات النعيم، والنجاة والفلاح في الحساب بين يدي الله تعالى، ويتلقى الكافر والفاسق والعاصي في الآخرة صفعة موجعة مؤلمة، ويتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا.
قال الله تعالى:
اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (99) قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100)
[المائدة: 5/ 98- 100] .
وسبب نزول آية: قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ.. فيما
أخرج الواحدي والأصفهاني عن جابر رضي الله عنه: أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم ذكر تحريم الخمر، فقام أعرابي فقال: إني كنت رجلا كانت هذه تجارتي، فاعتقبت منها مالا، فهل ينفع ذلك المال إن عملت فيه بطاعة الله تعالى؟ فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: إن الله لا يقبل إلا الطيب، فأنزل الله تعالى تصديقا لرسوله صلّى الله عليه وسلّم: قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100) .