اللهب المشتعل المتوقد، قال أبو حيان: والسين للاستقبال، وإن تراخى الزمان، وهو وعيد كائن إنجازه لا محالة، وإن تراخى وقته.
وتصلى امرأة أبي لهب معه أيضا النار، وهي أم جميل أروى بنت حرب، أخت أبي سفيان، عمة معاوية بن أبي سفيان. وامرأته: معطوفة على الضمير المرفوع فاعل (سيصلى) دون أن يؤكد الضمير، بسبب الحائل الذي ناب مناب التأكيد.
وكانت أم جميل هذه مؤذية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين بلسانها وغاية قدرتها. قال ابن عباس: كانت تجيء بالشوك، فتطرحه في طريق النبي صلّى الله عليه وسلّم وطريق أصحابه ليعقرهم، فبذلك سميت حمالة الحطب. فهي حقيقة كانت تحمل أنواع الحطب والأشواك للإيذاء. وقيل: إن قوله تعالى: حَمَّالَةَ الْحَطَبِ استعارة لذنوبها التي تحطبها على نفسها لآخرتها. وقيل: المراد أنها كانت تمشي بالنميمة، فيقال للمشّاء بالنمائم، المفسد بين الناس: يحمل الحطب بينهم، أي يوقد بينهم النائرة، ويورّث الشر. وهذا رأي الكثيرين.
ولون العذاب أو صفته ما عبر الله عنه بقوله: فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) أي في عنقها حبل مفتول من الليف، من مسد النار، أي مما مسّد من حبالها، أي فتل من سلاسل النار، وقد صورها الله تعالى، في حالة العذاب بنار جهنم بصورة حالتها في الدنيا عند النميمة، وحينما كانت تحمل حزمة الشوك وتربطها في جيدها، ثم تلقيها في طريق النبي صلّى الله عليه وسلّم، لأن كل من أجرم في الدنيا يعذب بما يجانس حاله في جرمه. قال ابن عباس وآخرون: الإشارة إلى الحبل حقيقة، وهو الذي ربطت به الشوك وحطبه. قال السدي: والمسد: الليف.
ولما سمعت أم جميل هذه السورة، أتت أبا بكر، وهو مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المسجد، وبيدها فهر (حجر) فقالت: بلغني أن صاحبك هجاني، ولأفعلن وأفعلنّ،