حرمات الله تعالى عظيمة مقدسة، ومنها بيت الله الحرام- الكعبة المشرفة، فمن حاول المساس بتلك الحرمات، رده الله وصده عنها، وحمى حرماته بما يشاء، وسورة الفيل المكية إجماعا من الرواة نزلت تذكيرا لقريش بنعمته العظيمة، حين أراد أبرهة ملك الحبشة هدم الكعبة، ووجّه جيشه لهذه المهمة، معهم الفيلة الكثيرة، بقصد توجيه حج العرب إلى بيت بناه أبرهة في اليمن، ولكن قدرة الله القهار فوق كل تقدير واعتبار، فحينما وجه أبرهه جيشه لهدم الكعبة، برك فيله بذي المغمّس (موضع قريب من مكة في طريق الطائف) ولم يمش نحو مكة، على الرغم من أنهم شقوا جلده بالحديد، وكان إذا وجهوه إلى غير مكة هرول. وبينما هم كذلك، بعث الله تعالى عليهم طيرا جماعات سودا أو خضرا من البحر، عند كل طير ثلاثة أحجار، في منقاره ورجليه، كل حجر فوق العدسة، ودون الحمّصة، فرمتهم بتلك الحجارة، وكان الحجر منها يقتل المرميّ، وتتهرأ لحومهم جربا وأسقاما، وانصرف أبرهة بمن بقي معه يريد اليمن، فماتوا في طريقهم متفرقين في كل مرحلة، وتقطّع أبرهة أنملة أنملة حتى مات، وحمى الله بيته، فنزلت هذه السورة منبّهة على الاعتبار بهذه القصة، ليعلم الكل أن الأمر كله لله تعالى، ويستسلموا للإله الذي ظهرت في ذلك قدرته، حين لم تغن الأصنام شيئا، فأصحاب الفيل: هم أبرهة الملك ورجاله.
وها هي سورة الفيل: