مبادرة، خوفا منه أن ينسى. وفي هذا التأويل آية للنبي صلّى الله عليه وسلّم في أنه أمي، وحفظ الله تعالى عليه الوحي، وأمّنه من نسيانه.
ثم أكد الله تعالى الوعد بالإقراء وعدم النسيان، بأن الله يعلم ما يجهر به العباد وما يخفونه من أقوالهم وأفعالهم، لا يخفى عليه من ذلك شيء.
ثم بشر الله نبيه ببشارة أخرى وهو توفيقه للأيسر في أحكام الشريعة، إنا نسهل عليك أفعال الخير وأقواله، ونشرع لك شرعا سهلا سمحا، ونوفقك للطريقة اليسرى.
والمعنى بإيجاز: نذهب بك نحو الأمور المستحسنة في دنياك وأخراك، من النصر والظفر وعلو الرسالة والمنزلة يوم القيامة، والرفعة في الجنة.
ثم أمره الله تعالى بالتذكير، فعظ أيها النبي الناس بالقرآن، وأرشدهم إلى سبل الخير، واهدهم إلى شرائع الدين، وذلك إن نفع التذكير، وهذا اعتراض على جهة التوبيخ لقريش، أي ان نفعت الذكرى في هؤلاء الطغاة العتاة، سيتذكر ويتعظ من يخشى الله تعالى والدار الآخرة، وهم العلماء والمؤمنون، كل بقدر ما وفّق، ويتجنب الذكرى ونفعها من سبقت له الشقاوة فكفر، ووجب له صلي النار الكبرى، والخلود في عذابها.
إن المخلّد الذي يدخل النار يبقى فيها على الدوام، فلا يموت فيها، فيستريح من العذاب، ولا يحيا حياة طيبة هانئة ينتفع بها أو يسعد بها.
لقد فاز ونجا من العذاب من تطهر من الشرك والمعصية، فآمن بالله ووحده وعمل بشرائعه وتعهد نفسه بالتزكية والتهذيب والتطهر من الرذائل والمفاسد.
ثم أخبر الله تعالى الناس: أنهم يؤثرون الحياة الدنيا، فالكافر يؤثرها فلا يؤمن بالآخرة، والمؤمن يؤثرها إيثار معصية وغلبة نفس إلا من عصم الله تعالى، ولكن