وجزاء الفريقين بداهة مختلف في قانون العدل الدنيوي والإلهي. لقد هيّأنا وأعددنا لكل كافر بالله وبنعمه، سلاسل في أرجلهم يقادون بها إلى النار، وقيودا تشدّ بها أيديهم إلى أعناقهم، ونارا تستعر وتتوقد، لنعذبهم ونحرقهم بها.
وأما المؤمنون الأبرار الذين جمعوا بين الصدق والطاعة (التقوى) والإخلاص فهم يشربون شرابا ذا رائحة أو كأسا من خمر الجنة، الممزوجة بالكافور (وهو طيب معروف له رائحة جميلة) وهذا الشراب نابع من عين جارية عذبة يشرب منها عباد الله الصالحون، تنبع بأمرهم، ويجرونها إلى حيث أرادوا من منازلهم وقصورهم. وقوله تعالى: عَيْناً بدل من قوله تعالى: كافُوراً أو مفعول به لفعل (يشربون) أي يشربون ماء هذه العين من كأس عطرة كالكافور.
وأسباب ثواب الأبرار ثلاثة أشياء أو خصال ثلاث: هي الوفاء بالواجب، وخوفهم الحساب، وتخلّقهم بالخلق الفاضل كإطعام الطعام للمحتاجين.
1- 2- أنهم يوفون بالنّذور التي التزموها وأوجبوها على أنفسهم، تقرّبا إلى الله تعالى. ويتركون المحرّمات التي نهى الله عنها، خوفا من عذاب يوم القيامة، الذي تكون شدائده وأهواله منتشرة في كل جهة، وعامة على الناس، إلا من رحم الله.
فقوله: يَوْماً كانَ شَرُّهُ أي يوم القيامة الذي كان ضرره متّصلا شائعا كاستطارة الفجر.
3- ويطعمون الطّعام في حال محبّتهم إياه لمحتاج فقير عاجز عن الكسب، وليتيم حزين فقد أباه، ولأسير مأسور عند الأعداء. وخصّ الطعام بالذكر لكونه إنقاذا للحياة، وإصلاحا للإنسان. قال القرطبي: والصحيح أن الآية نزلت في جميع الأبرار، ومن فعل فعلا حسنا، فهي عامة.
وهم في حال إطعام الطعام لهؤلاء يقولون وينوون: إنما نطعمكم هذا الطعام